تشهد الأوضاع الإنسانية في سوريا بعد مرور عشر سنوات على اندلاع الأزمة تدهورا بلغ درجات قياسية شملت كافة مجالات الحياة وخلفت مأساة إنسانية كبيرة ودماراً واسعاً وأضراراً ضخمة بالبنية التحتية، كما استنزفت قطاعات الاقتصاد المختلفة وخرجت كثير من القطاعات الخدمية عن الخدمة لاسيما المرافق الصحية والتعليمية مما أفرز واقعا إنسانيا مأساويا جعل منظمات إنسانية تصنفها من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم.
ومن أبرز تداعيات الأزمة لجوء أكثر من 5.6 ملايين شخص منذ عام 2011 إلى دول الجوار في لبنان والأردن والعراق إضافة إلى بلدان أخرى حول العالم ثلثهم من الأطفال، ونزوح6.6 مليون شخص داخل سوريا، وبهذا أصبح 13.1 مليون سوري بحاجة للمساعدة الإنسانية والحماية وفقا للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين التي أشارت إلى أن 70% من هؤلاء اللاجئين يعيشون في فقر مدقع، دون الحصول على الغذاء والماء والخدمات الأساسية. ودعت المجتمع الدولي إلى مضاعفة الجهود الجماعية لدعم اللاجئين السوريين والمجتمعات التي تستضيفهم.
دائرة الفقر
وضاعفت جائحة كورونا مستويات الفقر في صفوف النازحين واللاجئين السوريين والمجتمعات المضيفة لهم نظراً لوضعهم الهش أصلاً قبل انتشار الوباء، حيث دفعت الجائحة بنحو 4.4 مليون شخص في الأردن ولبنان وإقليم كردستان العراق إلى دائرة الفقر. ووجد اللاجئون السوريون أنفسهم يفتقرون إلى وسائل تمكّنهم من التكيّف مع الأزمة، مما وضعهم أمام خيارات صعبة وعجزت الأسر عن توفير احتياجاتها وأصبحت تكافح من أجل تأمين قوت يومهما ما يعني أن الكثير من الأشخاص الأكثر ضعفاً أصبحوا في صراع يومي لتأمين متطلبات الحياة الأساسية.
وتعاني النساء والفتيات العبء الأكبر من تبعات هذه الأزمة، كما هو الحال في السنوات السابقة ولا يزال العنف القائم على النوع الاجتماعي واقعا يوميا وفي هذا الصدد قالت المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان، الدكتورة ناتالياكانيم: “إن وضع النساء والفتيات في سوريا مأساوي ويزداد سوءاً وتتضاءل فرصهن في ممارسة حقوقهن بمرور كل يوم وشهر وسنة من هذه الأزمة – ويترتب على ذلك آثار كارثية طويلة الأمد.”
جيل كامل
جيل كامل من السوريين خسر أحلامه وأصبح الأطفال أكثر الفئات ضعفا، حيث إن 45% من اللاجئين تقل أعمارهم عن 18 عاما، كما يوجد 1.6 مليون من الأطفال دون سن العاشرة.
وتقول الأرقام إن هناك أكثر من 2.4 مليون طفل خارج مقاعد الدراسة نحو 40 في المئة منهم من الفتيات. أما الأطفال الذين تمكنوا من الالتحاق بالمدارس فيجلسون غالبا في صفوف مكتظة، وفي مبانٍ لا تحتوي على ما يكفي من المياه ومرافق الصرف الصحي والكهرباء والتدفئة أو التهوية.
وفيما لا يزال أفق هذه الأزمة الممتدة غير واضح المعالم يتساءل المراقبون ماهي آفاق المعالجات التي يمكن أن تضع حدا لها؟ وماهي السيناريوهات المحتملة التي تضمن عودة هؤلاء النازحين واللاجئين إلى ديارهم؟
المقال منشور في العدد 25 من مجلة غراس
يمكنك تحميل نسختك الآن أو الإطلاع على مقالات أخرى من المجلة