أفاقت الإندونيسية خيرية ذات الثماني والأربعين عاما ذات صباح لتجد نفسها وأسرتها في وضع مأساوي بعد أن دمرت النيران منزلها بكل ما يحتويه من ممتلكاتها وذكرياتها بسبب الأوضاع غير المستقرة في منطقة آتشيه.
ضاقت الأحول بخيرية وسيطر عليها الخوف واستبد بها القلق على حياة أسرتها فقررت الرحيل ومغادرة مسقط رأسها ومهد ذكرياتها إلى مدينة باندا عاصمة إقليم آتشه لأن لديها أقارب ربما يوفرون لها الأمان.
نزوح ومعاناة
وكحال القادم الغريب لم تجد خيرية في باندا المزدحمة غير مسكن صغير لا يستوعب أفراد أسرتها المكونة من سبعة أشخاص ولا مال لديها تستأجر به منزلا أكبر فقبلت مكسورة الخاطر، تحتاج إلى توفير لقمة العيش لأبنائها في هذا المكان الجديد .فما كان من رب الأسرة إلا أن يعمل حمالا للبضائع على ظهر دراجة نارية متهالكة كثيرة الأعطال .لكن كان الأمل يحدوه بدعم يخفف من ضائقته للعبور بأطفاله إلى مستقبل أفضل لهم وذلك بضمان استمرار تعليمهم.
ضاقت سبل الحياة أكثر مع زيادة حاجات الأبناء ما دفع خيرية للعمل في المنازل. وبعد عودتها متأخرة كانت تجلس إلى ماكينة صغيرة مستأجرة لحياكة الملابس لمساعدة زوجها لمجابهة متطلبات الحياة.
بوابة التحول
بدأت الحياة تبتسم لها عندما تواصلت مع مكتب قطر الخيرية في إندونيسيا لمساعدتها فكان أن وفرت لها ماكينتي خياطة ومستلزماتها. وقد كانت فرحة لا تضاهيها فرحة لدى أفراد الأسرة عندما وصلت الماكينتان إلى المنزل. حيث انفتح لها باب للرزق يضمن للأسرة حياة مستقرة ويلبي متطلباتهم ويوفر لهم مالا لدراسة أبنائهم.
مضت حياة خيرية بعد مساعدة قطر الخيرية بنسق منتظم ومتطور وزاد الطلب على الملابس التي تقوم بحياكتها مما انعكس سعة على الأسرة وامتدت يدها بالعون لمن حولها من المحتاجين وكل ذلك وعين خيرية على أبنائها في مسار تعليمهم لأنه شغلها الشاغل.
وعرفانا بأثر الأيدي الخيرة التي ساعدتها أرادت خيرية أن تقابل ذلك بخير مثله يصل لغيرها فما كان منها إلا أن صممت دورات مجانية للأيتام في كيفية تحسين مهارات الخياطة وقدمت مساعدات للكثيرين في مجال الخياطة لضمان كسب قوتهم بعد أن توسعت في هذه الدورات وشملت الكثيرين من الأسر الفقيرة والمحتاجين.
نجحت خيرية في مشروعها نجاحا كبيرا مما انعكس نجاحا آخر في دراسة أبنائها الخمسة حيث أكمل اثنان تعليمهما الجامعي، حيث تخصص أحدهما في المحاسبة بكلية الاقتصاد بجامعة كوالا شاه والآخر في التربية بجامعة سيرامبي مكه والبقية على طريق التخرج.
تقول خيرية: ” إني عاجزة عن تقديم الشكر لأهل الخير في قطر لأنهم مدوا يد الإحسان إلى أسرتي وانتشلونا من واقع مزري وحققوا أحلامنا في تعليم أبنائنا حتى الجامعة. وذلك بعد أن وفروا لنا أساساً عملنا على تطويره بالاجتهاد والمثابرة.. كانت مساعدة قطر الخيرية مصباحاً مضيئاً في مسيرة حياتنا التي كان يلفها الظلام، وفتحت لنا آفاق رحبة في عيش كريم دون أن تمتد يدنا للأخرين. نسأل الله أن يجزل الخير كله لمن تبرع لنا بتلك الماكينتين اللتين غيرت مجرى حياتنا”.
المقال منشور في العدد 25 من مجلة غراس
يمكنك تحميل نسختك الآن أو الإطلاع على مقالات أخرى من المجلة