كيف تهدد صعوبة الحصول على جرعة إنسولين حياة الملايين؟

2021-11-14

يشير أحدث تقرير صدر عن الاتحاد الدولي للسكري إلى أن عدد المصابين بمرض السكري بلغ 537 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، بزيادة قدرها 16٪ (74 مليونًا) متجاوزاً بذلك التقديرات السابقة. فقد شهدت السنوات الأخيرة ارتفاعًا كبيرا في عدد المصابين بمرض السكري من النوع 2، خاصة في البلدان النامية التي غالبًا ما يكون فيها الوصول إلى الرعاية الصحية والأدوية محدودًا أو غير متوفر. بينما يواجه اللاجئون المصابون عددًا لا يحصى من العقبات، بسبب انعدام الأمن الغذائي ومحدودية الوصول إلى مرافق الرعاية الصحية والأدوية، فيصبح أخذ جرعة الإنسولين بالنسبة لهؤلاء مسألة حياة أو موت.



ماذا نعرف عن داء السكري وأنواعه الرئيسية؟

مرض السكري هو مرض مزمن يحدث عندما يتعذر على البنكرياس إنتاج الإنسولين، أو عندما لا يستطيع الجسم الاستفادة من الإنسولين الموجود.

والإنسولين هو هرمون يفرزه البنكرياس. إذ تساعد الجلوكوز الموجود في الطعام الذي نتناوله بالمرور من مجرى الدم إلى خلايا الجسم لإنتاج ما يحتاجه من الطاقة.

وعدم القدرة على إنتاج الإنسولين أو استخدامه بشكل فعال يؤدي إلى ارتفاع مستويات الجلوكوز في الدم (المعروف باسم ارتفاع السكر في الدم)، وترتبط مستويات الجلوكوز المرتفعة على المدى الطويل بتلف الجسم وفشل الأعضاء والأنسجة المختلفة.

النوع 1 لمرض السكري

يمكن أن يتطور داء السكري من النوع الأول في أي عمر، ولكنه يحدث بشكل متكرر عند الأطفال والمراهقين. ويغلب عند المصابين بهذا النوع هو حاجتهم إلى حقن الإنسولين يومياً للحفاظ على مستوى الجلوكوز في الدم، بسبب أن الجسم صار ينتج القليل جدًا أو لا ينتج أي كمية إنسولين.

النوع 2 من السكري

يعد مرض السكري من النوع 2 أكثر شيوعًا لدى البالغين، ويمثل حوالي 90 ٪ من جميع حالات مرض السكري. ويصنف الشخص على أنه مصاب بهذا نوع عندما يصبح جسمه لا يستفيد بشكل جيد من الإنسولين الذي ينتجه. وأساس العلاج لهذا النوع من السكري هو اتباع نمط الحياة الصحي من نشاط بدني والنظام الغذائي الصحي.

كما سيحتاج معظم مرضى السكري من النوع 2 إلى تناول الأدوية عن طريق الفم و / أو حقن الإنسولين للحفاظ على مستويات السكر في الدم تحت السيطرة.

سكري الحمل

هذا النوع من مرض السكري يتكون من ارتفاع نسبة الجلوكوز في الدم أثناء فترة الحمل لدى النساء، ويرتبط بمضاعفات لكل من الأم والطفل. عادة ما يختفي بعد الحمل ولكن النساء المصابات به وأطفالهن معرضون بشكل متزايد للإصابة بمرض السكري من النوع 2 في وقت لاحق من الحياة.


مرض السكري: صعوبة الحصول على جرعة إنسولين تهدد حياة الملايين

يعيش أكثر من 60٪ من مرضى السكري في آسيا، ونصفهم في الصين والهند

تُصنف منطقة جنوب آسيا كواحدة من أكثر البؤر لانتشار داء السكري في العالم. وتُرجع دراسات ذلك لأسباب فيسيولوجية، خاصة في المناطق الريفية والفقيرة.

وقد احتلت الصين المرتبة الأولى مع ما يقدر بنحو 109.6 مليون بالغ يعاني من السكري (حسب إحصائيات عام 2018). والملفت أن انتشار مرض السكري وزيادة الوزن لم يعد مقتصرا سكان المدن والمناطق المتقدمة اقتصاديًا، بل بدأ يتمدد ليصل إلى الأرياف الصينية. وترجح دراسات سبب ذلك إلى أسباب جينية بالإضافة إلى تغير الأنماط الصحية الغذائية للمجتمع.

أما في الهند فقد وصل معدل الإصابة بالداء لمستوى مقلق. فأكثر من نصف السكان معرضون لخطر الإصابة في مرحلة ما من حياتهم.

كما أن الأشخاص الذين يعيشون في المدن والمناطق الحضرية في الهند هم أكثر عرضة للإصابة بمرض السكري. ويرجع ذلك إلى تغير النظام الغذائي الذي أصبح يعتمد على الكثير من الكربوهيدرات المكررة والأطعمة المصنعة والدهون المتحولة.

كما يتوقع الباحثون أن حوالي 57 ٪ من الحالات لا تزال غير مشخصة، وهو ما يزيد من خطر حدوث مضاعفات عندما لا يتناول الأشخاص أدوية التحكم في نسبة السكر في الدم.

العجز عن الحصول على الإنسولين يهدد حياة ملايين المرضى في إفريقيا

بعد 100 سنة على اكتشاف الإنسولين لا يزال الحصول على هذه المادة معضلة وتحدياً لملايين الفقراء حول العالم. ويرجع ذلك إلى عدد من العوامل منها التكلفة وتوزيع الإنسولين

ففي إفريقيا يوجد حاليًا حوالي 19 مليون شخص مصاب بداء السكري، أغلب الحالات من الصنف الثاني للمرض (95 ٪). ومن المقدر أن يرتفع إلى 47 مليون شخص بحلول عام 2045.

أما النوع الأول للسكري، فأغلب المصابين به ممن تنقصهم التوعية والدعم النفسي والاجتماعي، بحيث لا يقبلون على التشخيص المبكر للمرض. لكن غالباً ما تترتب عن ذلك مضاعفات  في وقت متأخر يصعب علاجها.  

أضف إلى ذلك أن غالبية المرضى يعانون من صعوبة الحصول على الإنسولين ويعجزون عن تحمل تكاليفه المرتفعة. وهو ما يؤثر سلباً على جودة الرعاية الصحية في الكثير من الدول الإفريقية ويزيد من معدلات الاعتلال والوفيات.


مرض السكري: صعوبة الحصول على جرعة إنسولين تهدد حياة الملايين

غزة: ارتفاع عدد المصابين بمرض السكري بسبب تردي الأوضاع المعيشية

وفق تقرير صدر عن وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” عام 2018، فإن انتشار الأمراض غير المعدية مثل السكري وارتفاع ضغط الدم، يعرف ارتفاعاً مستمراً في قطاع غزة.

بالإضافة إلى أن قرابة 60% من مرضى السكري في قطاع غزة أصيبوا بالمرض خلال فترة الحصار. خاصة وأن الكثيرين أضحوا يعيشون أوضاعاً اقتصادية ومعيشية صعبة للغاية أدت إلى تغير الأنماط الغذائية لدى الكثيرين، بحيث تجاوز معدل السعرات الحرارية الحد المطلوب. مع انتشار ظاهرة الإشباع، بعد فترة جوعٍ طويلة أين يتحول الأمر إلى نهم وإفراط في تناول الطعام بعد وصول المساعدات، فيحصل الجسم على حاجته من السعرات الحرارية، والباقي يخزن على هيئة دهون تتسبب مع مرور الوقت في الإصابة بالسكري.

وبحسب وزارة الصحة، فإن نسبة الوفيات نتيجة مرض السكري ومضاعفاته احتلت المركز الخامس في فلسطين كإحدى مسببات الوفاة، حيث وصلت إلى 9% من مجموع حالات الوفاة.

تحديات رعاية مرضى السُكري من اللاجئين السوريين

يعيش غالبية اللاجئين السوريين في البلدان المجاورة، وقد تسبب ذلك في ضغط كبير على أنظمتها الصحية منذ بداية الأزمة. وتعجز التقارير عن إحصاء العدد الحقيقي لمرضى السكري في مناطق اللجوء. لكنها تشير إلى أن غالبية المرضى هم من النساء والأطفال وكبار السن.

ويُمثل الوصول إلى الأدوية تحديًا للنازحين السوريين. إذ أن غالبية المصابين بأمراض مزمنة من اللاجئين اضطروا للتوقف عن أخذ علاجاتهم لفترة من الوقت. فالأنظمة الصحية في أغلب الدول المضيفة تعجز عن توفير رعاية جيدة والطواقم الطبية المؤهلة لمرضى السكري بسبب الأعداد المهولة للاجئين الذين استقروا داخل مخيمات أو في مناطق حضرية.


مرض السكري: صعوبة الحصول على جرعة إنسولين تهدد حياة الملايين

الحل: الوقاية والتوعية وتسهيل وصول الفقراء للأدوية الضرورية

يعرف مرض السكري انتشارًا أكبر في المجتمعات ذات الدخل المنخفض، أين تكون الخيارات الغذائية الصحية محدودة أو لا يمكن تحمل تكاليفها، بالإضافة إلى غلاء العلاجات والأدوية مثل الإنسولين. لذلك من المرجح أن يعرف السكري من النوع 2 في البلدان النامية ارتفاعا بشكل كبير.

لذلك أصبح من الواجب  إعطاء الأولوية للوقاية عبر رفع مستوى الوعي حول الوقاية من المرض، داخل مراكز الرعاية الصحية وعبر تنقل العاملين في المجال الصحي إلي المناطق التي تعاني من ضعف الرعاية الصحية.

بالإضافة إلى تشجيع الناس على تبني أسلوب الحياة الصحية من أجل تحسين مستوى صحتهم والوقاية من الأمراض بالإضافة إلى جعل الغذاء الصحي ميسور التكاليف مقارنة بالأطعمة المصنعة، إلى غير ذلك من الإجراءات والممارسات التي تعزز الصحة العامة.

لكن هذا لا ينفي ضرورة الإدارة الجيدة للإمدادات بالأدوية الأساسية للسكري كالإنسولين. إذ يجب أن تكون المراكز الصحية التي تقدم الرعاية أثناء الأزمات مجهزة بمقاييس الجلوكوز وشرائط الاختبار للتعامل، خاصة أثناء الحالات الطارئة.

بالإضافة إلى توفير الاختبارات السريعة وغير المكلفة في المناطق التي لا تتوفر فيها، بما يسمح بتوسيع استخدامها في المناطق النائية وداخل مخيمات اللجوء.

مواضيع ذات صلة

تعليقات

اترك أول تعليق