لقد تولى الله سبحانه وتعالى في كتابه بيان مصارف الزكاة، وحصرها في ثمانية أصناف، فقال: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [التوبة:60]. وتظل مسائل الزكاة مثل توقيت إخراج إخراجها من المسائل التي يكثر السؤال حولها. وسنسعى في كل مرة إلى جمع أكبر قدر من الأجوبة الشرعية حول الزكاة من مصادرها الموثوقة، مع تبسيطها واختصارها حتى يسهل فهمها واستيعابها من القارئ الكريم.
ستتعرف عبر هذا المقال على:
متى إخراج الزكاة
لقد جعل الله تعالى وقتاً محددا لوجوب الزكاة وهو مرور الحول مع كمال النصاب. ويجوز تعجيل إخراجها، لكن لا يجوز تأخير ذلك عن وقت الوجوب إلا إذا كان تأخيراً يسيرا لمصلحة راجحة، فاستثنى العلماء بعض الصور التي يجوز فيها تأخير دفع الزكاة، ومنها ما ذكر صاحب الإنصاف قال: “ويجوز التأخير ليعطيها لمن حاجته أشد على الصحيح من المذهب”.
وقال ابن قدامة في المغني: فصل فإن أخرها ليدفعها إلى من هو أحق بها من ذي قرابة أو ذي حاجة شديدة فإن كان شيئاً يسيراً فلا بأس، وإن كان كثيراً لم يجز إخراجها حتى يدفعها إليهم متفرقة في كل شهر شيئاً.
كيفية إخراج زكاة المال
تكون كيفية إخراج زكاة المال (العملات المحلية، والذهب، والفضة، وعروض التجارة) بإخراج ربع العشر منها ـ 2.5% ـ اثنين ونصف بالمائة ـ إذا بلغت النصاب، وحال عليها الحول ـ سنة قمرية ـ فيقسم المال على أربعين، والواجب فيه هو جزء واحد من هذه الأربعين.
أحكام نقل الزكاة لبلد آخر والتوكيل في صرفها
اختلف العلماء حول مسألة نقل زكاة المال إلى غير بلد المال. والراجح الجواز للحاجة والمصلحة.
قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في فتاوى نور على الدرب: “الأفضل أن تؤدى زكاة المال في البلد الذي فيه المال؛ لأنه محل أطماع الفقراء، ولأنه ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل: أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة، تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم.”
ولكن إذا كان نقلها إلى بلد آخر فيه مصلحة مثل أن يكون في البلد الآخر أقارب لمن عليه الزكاة، وهم محتاجون، أو يكون أهل البلد الآخر أشد حاجة، أو يكون أهل البلد الآخر أنفع للمسلمين؛ فإنه في هذه الحال يكون النقل لهذه الأغراض جائزاً ولا حرج فيه. “.
كما أن التوكيل في إخراج الزكاة جائز مع أن الزكاة عبادة؛ لأنها تشبه قضاء الديون. ولأن الحاجة قد تدعو إلى الوكالة.
إعطاء الزكاة لشخص في غير بلد المزكي
إن نقل الزكاة إلى موضع خارج موضع وجوبها محل خلاف بين أهل العلم. فمنهم من قال بالإجزاء ولو مع وجود فقراء في البلد الذي وجبت فيه الزكاة.
فالأصل المتفق عليه هو أن أهل البلد إذا استغنوا عن الزكاة -كلها أو بعضها- لانعدام الأصناف المستحقة أو لقلة عدد أصحابها، وكثرة مال الزكاة، جاز نقلها إلى غيرهم.