رجب الشهر الحرام .. فتاوى مختارة

2022-02-03

شهر رجب شهر حرام حرمه الله مع ما حرم من الأشهر التي اختارها على بقية الشهور واختصها بفضله، فأعلى قدرها، وعظم شأنها، وجعل لها مكانة خاصة؛ فقال عز من قائل: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} (التوبة:36). لكن اعتاد بعض المسلمين على أن يخصوا هذا الشهر بعباداتٍ معينة كالصلاة والصيام وتعظيمٍ لبعض لياليه. فما موقف الشرع من ذلك؟

أشهرٌ حُرم منها رجب

الأشهر الحُرم أربعة منها ثلاثة متواليات (ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم)؛ ثم الرابع هو شهر رجب الحرام، كما بين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته يوم حجة الوداع حين قال: (إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرًا، منها أربعة حرم ثلاث متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان) (رواه احمد عن أبي بكرة).

وقد كانت هذه الأشهر معظمة منذ زمن نبينا إبراهيم عليه السلام، بل العرب في زمن الجاهلية كانوا يعظمونها أيما تعظيم، حتى إن الرجل ليلقى قاتل أبيه وقاتل أخيه فلا يمسه بأذى. كما كان العرب يذبحون في شهر رجب ذبيحة تسمى العتيرة، فجاء الإسلام وأبطلها. قال صلى الله عليه وسلم : (لا فرع ولا عتيرة). متفق عليه.  

فالإسلام أبقى حرمة هذه الشهور، لكنه نهى المسلمين عن انتهاكها بارتكاب ما حرم الله من المعاصي والآثام وظلم النفس فيها، وجعل الذنب فيهنَّ أعظم والعمل الصالح والأجر أعظم فقال: { فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ}(التوبة:36). قال قتادة: “إن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزرًا منه فيما سواها”.

لم يثبت شيء في فضل العبادة (من صوم وصلاة ونحو ذلك) في شهر رجب

ولم يثبت شيء مما يتداوله بعض الناس من أحاديث في فضل عبادات بعينها في شهر رجب. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في رجب حديث. بل عامة الأحاديث المأثورة فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم كلها كذب.)

وقال ابن حجر رحمه الله: (لم يرد في فضل شهر رجب ولا صيامه ولا في صيام شيء منه معين، ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه حديث صحيح يصلح للحجة. وأما من صام من شهر رجب صياما كان يعتاده لأحاديث أخرى كصيام الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، أو صيام الاثنين والخميس، أو صيام يوم وإفطار يوم دون تخصيص لهذا الشهر بذلك فلا حرج فيه.

هل ثبت عن نبينا الكريم أحاديث في فضل صيام شيء من رجب؟

الأصل أن الإكثار من العبادة، والتقرب إلى الله بسائر أنواع القربات والطاعات المستحبة، مرغب فيه في كل وقت وحال حسب مقدرة المسلم.

فالصيام في الأشهر الحرم لا بأس به، مثلها مثل سائر الشهور دون تخصيص شيء منها بغير مخصص شرعي، ويستأنس له بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (صم من الحرم واترك، صم من الحرم واترك). فقد قال شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني: “ففي هذا الخبر – وإن كان في إسناده من لا يعرف – ما يدل على استحباب صيام بعض رجب، لأنه أحد الأشهر الحرم”.

والحديث فيه مقال، ولكنه مما يدخل تحت أصل شرعي وقاعدة من قواعد الشرع وهي استحباب صيام النوافل مطلقا..

لكن لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث في صيام رجب على وجه الخصوص، ولا في صيام شيء معين منه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:( ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في رجب حديث؛ بل عامة الأحاديث المأثورة فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم كلها كذب) وقال ابن حجر: (لم يرد في فضل شهر رجب ولا صيامه ولا في صيام شيء معين منه، ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه حديث صحيح يصلح للحجة). إلا أنه قد رويت أحاديث في فضل صيام الأشهر الحرم -ورجب منها-

قال الشوكاني: وقال علي بن إبراهيم العطار في رسالة له: إن ما روي من فضل صيام رجب. فكله موضوع، وضعيف لا أصل له. قال وكان عبد الله الأنصاري لا يصوم رجبًا، وينهى عنه، ويقول: لم يصح عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وسلم في ذلك شيء.


المصدر: فتاوى ومقالات مختارة من شبكة إسلام ويب (بتصرف).

مواضيع ذات صلة

تعليقات

اترك أول تعليق