من منا لا يفرح بقدوم ضيف عزيز؟ فجميعنا يجتهد في الاستعداد لاستقباله بتجهيز البيت بكل ما يعبر عن فرحتنا بقدوم الزائر الكريم ومكانته في القلوب. ونحن بعد أيامٍ قليلة سنستقبل ضيفاً عزيزاً وشهراً مباركاً شهر رمضان 2024. والأكيد أن قدومه سيكون قدوم خير وبركات. وفرحة المؤمنين بقدومه لن يحدها وصف. فتجدهم مع اقتراب أيامه بين صيامٍ وتلاوة للقرآن وقضاء الليالي في القيام.
ستتعرف عبر هذا المقال على:
كيف كان السلف الصالح يستعدون لرمضان؟
كان السلف بعد انقضاء رمضان يسألون الله طيلة ستة أشهر أن يتقبل منهم صيامه وقيامه، فإذا بقيت لشهر الصيام ستة أشهر أخذوا يسألون الله أن يبلغهم رمضان.
فكان الواحد منهم يقول: (بئس القوم قوم لا يعرفون الله إلا في رمضان). إذ ينبغي أن يُعبد الله تبارك وتعالى في رمضان وفي شعبان وفي سائر الأشهر والأيام، يقل تعالى في كتابه: {واعبد ربك حتى يأتيك اليقين}.
الاستعداد لرمضان 2024
يكون حسن استعدادنا لرمضان بالصيام خلال الأيام التي تسبقه، خاصة في شهر شعبان، عبر الإكثار من قراءة القرآن حتى يَلين قلبُ الإنسان، ويتعوَّد على ذلك في مع حلول رمضان.
كما يكون بالدعاء بإدراك رمضان والانتفاع به، وقيام الليل والتفقه في الصيام وأحكامه، ومطالعة أحوال الصحابة والصالحين وكيف كان استعدادهم لهذا الشهر العظيم.
1- حسن الاستعداد له
وذلك بعقد العزم على تعميره بالطاعات وزيادة الحسنات وهجر السيئات، وبذل المجهود واستفراغ كل الوسع في استغلال كل لحظة فيه في رضا الله سبحانه.
فالنية النية، والعزم العزم، والإخلاص الإخلاص. يقول تعالى (ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة) (سورة التوبة – 46) وقوله أيضا (فلو صدقوا الله لكان خيرًا لهم) (سورة محمد – 21)
فالعبد لا يدري متى يأتيه أجله. فكم من أناسٍ كانوا معنا في رمضان الماضي وقد غادروا هذه الحياة دون أن يبلغوا رمضان آخر. فمن توفاه الله وهو قد نوى صوم رمضان قامت نيته مقام عمله فيجازيه الله على حسن نيته وعلى هذا العزم فينال الأجر وإن لم يعمل.
عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: [إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم يعلمها كتبها الله له عنده حسنة كاملة …] رواه البخاري ومسلم. وقوله عليه الصلاة والسلام [إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل أمرئ ما نوى] رواه البخاري ومسلم.
2 – صدق التوبة
التوبة واجبة في كل وقت ومن كل ذنب، لكنها قبل شهر رمضان ألزم وأوجب، لأن المسلم مقبل على موسم طاعة، وصاحب المعصية لا يوفق للطاعة ولا يؤهل للقرب، لأنه يجد في القلب في ظلمة وقسوة وبُعد عن الله.
فلابد من المسارعة إلى التوبة النصوح، المصحوبة برد الحقوق إلى أهلها، وإظهار الافتقار إلى عفو الله ومغفرته. وإظهار الرغبة يكون بحسن الدعاء ودوام الاستغفار وكثرة الإلحاح والتضرع إلى الله، فذلك من علامات الصدق مع الله.
4 – التقليل من الطعام
بغرض تعويد البدن. فمن الصوم تقليل الطعام لإعطاء المعدة فرصة للراحة، وإعطاء النفس فرصة للطاعة.
لأنه من المعلوم أن كثرة الطعام تجعل الطاعة ثقيلة على النفوس. فمن أراد الاستمتاع بالصلاة فلا يكثر من الطعام بل يخفف، لأن قلته توجب رقة القلب، وانكسار النفس، وضعف الهوى والغضب .
قال محمد بن واسع: من قل طعامه فهم وأفهم وصفا ورق، وإن كثرة الطعام تمنع صاحبها عن كثير مما يريد.
5 – اغتنام الوقت لتعلم أحكام الصيام
حتى يتم المسلم صومه على الوجه الذي يحبه الله ويرضاه فيستحق بذلك تحصيل الأجر والثواب. فلابد من تعلم فقه الصيام وأحكامه، وهذا واجب وفرض عين على من وجب عليه الصيام.
فكم ممن يصوم ولا صيام له لجهله بشرائط الصيام وآدابه وما يجب عليه فيه. وكم ممن يجب عليه الفطر لمرض مهلك أو لعذر شرعي، ولكنه يصوم فيأثم بصومه
6 – وضع برنامج لتدريب النفس
فمن حسن الاستعداد لشهر رمضان 2024 تذكر مقاصده التي من أهمها أن يحقق المسلم عبوديته لله بالعبادات والاكثار من الحسنات. لذلك وحتى لا يفاجئه التغيير مع بداية الشهر الكريم، يحرص المسلم الفطن على وضع برنامج ليعوّد نفسه على:
(أ) الصيام: وهذا ضروري لتعويد النفس عليه، حتى إذا جاء رمضان كانت مستعدة بلا كلفة ولا تعب يمنعه عن العمل ويحرمه من كثرة التعبد
(ب) قيام الله: تلك السُنة العظيمة، جنة المؤمنين في هذه الحياة، والمدرسة التي تربى فيها النفوس، وتزكى فيها القلوب، وتهذب فيها الأخلاق. وهي وصية نبينا عليه الصلاة والسلام لنا: [عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله تعالى، ومنهاة عن الإثم، وتكفير للسيئات، ومطردة للداء عن الجسد] رواه الترمذي.
(ج) الاكثار من تلاوة القرآن: وهذا أحسن استعداد لشهر القرآن. فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتدارس القرآن مع سيدنا جبريل في رمضان كما في حديث ابن عباس وذلك كل ليلة. وكذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يطيل في قيامه .
7 – الصدقة وسائر أعمال الخير
لعمل الخير تأثير على النفس وتدريبها على الخضوع لخالقها. لذلك من الجميل أن يكثر المؤمن قبل رمضان من الصدقات وسائل أعمال الخير، حتى إذا حلّ الشهر الكريم كانت النفس قد تعودت على البذل والعطاء لتتجاوز أنانيتها.
ومما يَحْسُن من أعمال الخير الصدقة على الفقراء والمحاتجين، والاستعداد لإخراج نصاب الزكاة عن حلول رمضان مثلما سار عليه الكثير من المسلمين.