رمضان شهرٌ فريد من نوعه، فهو رمز المغفرة والتفاني والاحتفاء، فضلاً عن كونه رمزاً للعبادة والروحانية وأيام الصيام الطويلة. يعيش رمضان في ذاكرتنا الجماعية كحدث اجتماعي وثقافي متجذر في القدم. يستحضر صوراً حية لأولئك الذين شهدوه من قبل بتقاليدهم واحتفالاتهم. ويعتبر الفانوس أحد أبرز رموز الاحتفاء بقدوم رمضان. حاضر في أيام شهر البركة ولياليه، ليعكس روح الاحتفاء بوصوله.
لرمضان أجواء تملأ المكان بعبقها الخاص كلما عادنا الشهر الفضيل. فقد تجذرت لدى المجتمعات المسلمة على مر العصور عادات وتقاليد، تجعل من كل بقعة من الساحات والحارات والأسواق تحاكي زمن الشهر الفضيل ومختلفة عن سائر أيام العام. في نسيج ثقافي يشمل كل شيء. ومع ذلك فإن له مراسم خاصة مختلفة في كل ركن من أركان العالم.
وقد ظهر تقليد الفانوس في القاهرة. ومن هناك تناقلته الأجيال، وتناقل الناس العديد من قصص بداية الفانوس، التي تعود في مجملها إلى القاهرة خلال فترة حكم الفاطميين لمصر قبل ما يقرب من ألف سنة مضت. وتقول إحدى القصص أن المعز لدين الله كان في طريقه للتثبت من رؤية هلال شهر رمضان. حيث رافقه أطفال القاهرة يحملون الفوانيس وهم يصدحون بالأناشيد الرمضانية.
فانوس رمضان .. مشكاة تقاوم الزمن لتنير بألوانها الزاهية الأزقة والحارات
العجيب في الأمر أن الفانوس نجا من قوة الوقت وحتمية التغيير. فقد ظل الفانوس رمزاً لشهر رمضان المبارك واندمج بشكل ساحر مع الأدب الشفهي الغني في مصر وبعض الدول الأخرى المجاورة في الشام والمغرب العربي، حيث لا تزال أغاني مثل “وحوي يا واحاوي” (مجازاً تعني ضوء النار)، وغيرها من الأغاني التي لازال الأطفال يحفظونها إلى زماننا الحاضر وترددها الألسن في شوارع القاهرة عند مجيء شهر رمضان. الفانوس الرمضاني قصةُ طفلٍ سعيد يحمل فانوساً ملوناً ويغن أنشودة قديمة.
ويحظى الفانوس في رمضان بشعبية كبيرة في مصر ومن النادر أن تجد أسرة مصرية لا تملك في منزلها فانوساً ملوناً. وتأتي الفوانيس في ألوان وأشكالٍ مختلفة. فبعضها في ارتفاع مترين أو ثلاثة أمتار، وأخرى بحجم حاملة المفاتيح.
ويمكن للفوانيس أن تحوي تصاميم تعكس الطابع الإسلامي أو عرضاً جميلاً للخط العربي على شكل آياتٍ من القرآن الكريم، أو أسماء الله الحسنى، أو بعض التحيات الرمضانية مثل “رمضان كريم“ التي يمكن مشاهدتها في خيام الإفطار في شوارع وأزقة القاهرة.