من أغرب القصص التي عايشتها بخصوص إخراج زكاة المال، هي اتصل بي صاحب هذه القصة وقال “أنا دائما محسود”، فقلت له “الحسد: تمني زوال النعمة من الآخر. وإن لم تنتقل إليه. وما تعاني؟” قال “أجد على كاهلي حملاً لا أطيقه ولا أعرف ما السبب ـ غير أني محسود”.
قلت له “لعلك تتكبر على خلق الله، فلم تعط خبزاً لجائع، ولا كسوة لعارٍ، ولا عدت بفضل ظهر سيارتك من لا ظهر له، ومررت عليه في برد الشتاء أو في حر الصيف ولم تبالِ به، أو أكلت ما لذ وطاب ولم تدع أصدقائك أو جيرانك من الفقراء وغيرهم إلى طعامك أو أهديتهم إياه، أو لبست أفضل الثياب ولم يخطر ببالك مرة أن تكسو عارياً، أو شربت من أفضل أنواع المياه والعصائر ولم تراعِ من جف ريقه من حرارة الشمس، أو ربما كان عندك فائض من دخل ولم تؤدّ منه زكاته وتتصدق.”
عند هذا الأمر ذكر لي أنه لم يدفع الزكاة منذ اثنى عشر عاماً.
عليك يا أخي أن تتوب إلى الله على تقصيرك في دفع الزكاة، فربما تسببت في زيادة مرض إنسان لم يجد دواء لمرضه ولو أعطيته من زكاتك لكان قد برئ من هذا المرض،
أو طالباً تعثر في دراسته بسبب عدم قدرته على سداد القسط المطلوب منه لإتمامها، أو أرملة كانت تبيت على الطوى. قال تعالى (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) المعارج 24: 25.
فالزكاة كما أخبرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم ـ تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم. ولو أدى المسلمون ما عليهم من زكاة أموالهم لتحقق بفضل ذلك توازنٌ في المجتمع. ولأثمر ذلك انخفاض معدّل الجرائم. وتمني الفقراء لأهل الثراء أن يديم الله عليهم نعمته بل وأن يزيدهم فضله.
لقد أزحتُ هماً عن كاهلي
قال “وما الحل؟” فأجبته “أن تأتيني بكشوف حساباتك من البنك أو البنوك التي تتعامل معها سواء (الحساب الجاري أو التوفير أو الوديعة. وأيضا الديون التي لك عند الغير وكشف حساب أسهمك من البورصة … الخ)”
لكي نتمكن من حساب الزكاة.
وعلى الفور أتاني بما طلبته منه. فقمت بحسابها عن المدة السابقة. وبالطبع كان المبلغ كبيراً.
وقام بدفع هذا المبلغ.
وبعد أن سلم الشيكات، أقسم بالله عز وجل أن هماً كبيراً قد زال عن عاتقه، وأنه بدأ يشعر بسعادة وطمأنينة طال افتقادها، وعاهد الله تعالى ألاّ يؤخر الزكاة مرة أخرى، بل تعدى نفعه لسواه فسرعان ما دعا شخصاً آخر عرف أنه لم يدفع الزكاة، وجاء بكشوف حسابه لإخراج زكاة أمواله.
كيف تحل البركة على المال بعد أداء الزكاة ؟
كما زارتنا إحدى الأخوات لغرض حساب زكاتها وكان المبلغ كبيراً، فظلت تردد “هذا المبلغ كله زكاة؟ هذا المبلغ كله زكاة؟” فقلت “ادفعي ولا تترددي فهذا حق الله في المال الذي منحك الله إياه”.
وذكرت لها هذه الآية من سورة الروم ( وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِندَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ) الآية: 39، فدفعت زكاة مالها ثم انطلقت. ولما عادت في العام التالي أعطتني البيانات المالية لها لحساب الزكاة فوجدت أن المبلغ تضاعف بالفعل، وقالت “خذوا زكاة مالي وزيادة فلن أبخل أبداً في حق من حقوق الله”.
إخراج زكاة المال شفاء وتزكية للنفس
إن الذين يعانون من تعكر المزاج لأتفه الأسباب، وضيق التنفس وسرعة التعب جراء بذل أي مجهود، وكذلك من يعانون من الكسل والخمول طوال اليوم، وكثيرو التفكير وانشغال البال، ومن يعانون من صداع شديد ومستمر في الرأس، ومن يعانون من قلقٍ دائم وأحلام مزعجة أثناء النوم، والمصابون بتعرق شديد مهما كان الجو عليلاً، والمعانون من مشاكل في أسَرهم مع أزواجهم أوأولادهم، فليضيفوا منع حق الله في المال كأحد الأسباب المحتملة لمعاناته.
قال تعالى (أَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى) الليل 5: 10.