صوم شعبان.. تزكيةٌ للقلب وتهذيبٌ للنفس استعداداً لرمضان

2024-02-19

ما من فريضة فرضها الإسلام إلا ولها سنن ومستحبات كالحج والزكاة والصلاة. وكذلك الأمر بالنسبة للصيام، فهو واجب وفريضة في رمضان ومسبوق بالصيام المستحب في شعبان. لذلك كان الاجتهاد في شعبان بمثابة التوطئة للدخول في رمضان، بحيث يكون العبد متهيئا ومستعداً لاستقبال هذا الشهر الكريم، حريصاً على نوع من التدريب والتمهيد وتهيئة النفس. لذلك كان حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم على صوم أكثر شعبان.



ما من فريضة فرضها الإسلام إلا ولها سنن ومستحبات كالحج والزكاة والصلاة. وكذلك الأمر بالنسبة للصيام، فهو واجب وفريضة في رمضان ومسبوق بالصيام المستحب في شعبان. لذلك كان الاجتهاد في شعبان بمثابة التوطئة للدخول في رمضان، بحيث يكون العبد متهيئا ومستعداً لاستقبال هذا الشهر الكريم، حريصاً على نوع من التدريب والتمهيد وتهيئة النفس. لذلك كان حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم على صوم أكثر شعبان.

الصيام في شعبان سنة مستحبة

رجح طائفة من العلماء منهم ابن المبارك وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستكمل صيام شعبان، وإنما كان يصوم أكثره، ومعنى قول أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – كان يصوم شعبان كله، محمول على الأعم الأغلب، وبهذا وردت لغة العرب، فكله وصف أغلبي كما يقولون.. ورجح ابن رجب وغيره، أن الصيام في شعبان أفضل من الصيام في الأشهر الحرم، لأنه بمنزلة السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها، فيلتحق بالفرائض في الفضل وهي تكملة لنقص الفرائض.

وأما حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – “إذا انتصف شعبان فلا تصوموا حتى رمضان” فقد اختلف العلماء في تصحيحه، وعلى القول بتصحيحه، فيحمل على من لم يصم في النصف الأول من شعبان، أما من صام فلا كراهة في حقه، وقد وصفه الإمام أحمد وغيره بأنه حديث منكر وردَّه بحديث “لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين”.

 والثابت بيقين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم من شعبان ما لا يصوم من غيره من الشهور.



شعبان.. تزكية القلوب والأعمال

1* شهرٌ تُعرض فيه الأعمال

وقد بين عليه الصلاة والسلام سبب كثرة صيامه فيه حين سأله أسامة بن زيد رضي الله عن ذلك فقال فيما روى الترمذي والنسائي عن أسامة قَال: قُلتُ: يا رسول الله، لمْ أرَكَ تصوم شهْرًا من الشهور ما تصوم مِنْ شعْبان، قال: [ذلك شهْرٌ يغْفُل الناس عنْه بيْن رجب ورمضان، وهو شهْرٌ تُرْفَع فيه الأعْمال إلى ربِّ العالمين، فأحبّ أنْ يرْفعَ عملي وأنا صائمٌ].

فيستحب للعبد عند رفع عمله أن يكون على هيئة حسنة؛ ليكون أرجى لقبول العمل، ومغفرة الزلل، والتجاوز عن الخطأ والخطل.

2* غفلة الناس

كما أخبر صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق أن سبب كثرة صيامه في شعبان لغفلة الناس عن هذا الشهر بين رجب الحرام ورمضان المبارك، فأحب أن يكون ممن يعبد الله في زمان غفلة الناس.

فالعبادة وقت الغفلة أكثر مشقة على النفوس؛ وذلك لقلة العابدين وندرة من يقتدى بهم في الخير. فهي أدعى للإخلاص وأبعد من الرياء.

3* عرض القلوب

كما أن لشعبان مزية أخرى وفضلا آخر اختصه الله به، وهو أن قلوب العباد تعرض على ربها في ليلة النصف من هذا الشهر، فيتفضل على كل قلب موحد طاهر من الشرك، وكل قلب نقي خال من البغضاء والشحناء والحقد بالعفو والمغفرة.

فقد روى الإمام الطبراني وابن حبان وغيرهما عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [يطَّلِعُ اللهُ إلى خَلقِه في ليلةِ النِّصفِ مِن شعبانَ فيغفِرُ لجميعِ خَلْقِه إلَّا لِمُشركٍ أو مُشاحِنٍ] (حسنه الألباني).

إنها دعوة لوحدة الصف، ورأب الصدع، ونبذ الضغائن، ورفع الأحقاد، حتى تعود قلوبنا بيضاء نقية كقلوب أهل الجنة {ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين}.



فتاوى حول صيام شهر شعبان

صوم يوم النصف من شعبان

السؤال الذي يُطرح كثيراً: هل في ليلة النصف من شعبان فضيلة؟

ومن جملة البدع تخصيص يوم النصف بصيام وليلة النصف من شعبان بقيام، وهذا لم يكن معروفاً في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في عهد الصحابة رضي الله عنهم. فمن صام النصف من شعبان كصومه النصف من الأشهر العربية، لا لكون له فضيلة خاصة، فلا حرج عليه، وإنما الحرج في اعتقاد الفضيلة الخاصة لهذا اليوم وليلته، وتخصيص اليوم والليلة بالصيام والقيام تبعاً لهذا الاعتقاد الخاطئ.

ويدخل أيضاً في الابتداع إيقاد المساجد في هذا اليوم واجتماع الناس على دعاء مخصوص. فالعبادات توقيفية تؤخذ دون زيادة ودون نقصان.

حكم ابتداء الصيام إذا انتصف شعبان

ما جاء في الحديث الذي رواه العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا انتصف شعبان فلا تصوموا). فقد حاول الإمام ابن حبان أن يصححه، وأن يجمع بينه وبين الأحاديث الأخرى، وكذلك حاول الشيخ الألباني ، فقالوا: إن المقصود أن من كان يصوم أول شعبان ثم جاء منتصف شعبان وهو يصوم فلا حرج عليه أن يصوم؛ لأنه غير مخاطب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ( كان يصوم شعبان كله كان يصوم شعبان إلا قليلاً )، وأما من ابتدأ الصيام فإنه لا ينبغي إذا انتصف شعبان أن يبتدئ الصيام، وهذا بناء على تصحيحهم لحديث العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه عن أبي هريرة .

والصحيح -والله أعلم- أن هذا الحديث ضعيف وإن كان ظاهره الصحة، فإن العلاء من رجال مسلم، لكن الإمام أحمد وابن رجب والأثرم والطحاوي وغيرهم أشاروا إلى أن الحديث منكر، وأن الأحاديث الصحيحة تخالفه؛ فإنه قد جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقدموا رمضان بصيام يوم ولا يومين، إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه).

ووجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أشار إلى أنه لا يُتقدم رمضان بصوم يوم أو يومين، لكنه لو أراد أن يتقدم بأكثر من ذلك جاز له ذلك، كما أشار إلى ذلك الإمام الأثرم وغيره.

حكم صوم شعبان كاملاً

لا حرج إن شاء الله في صوم شعبان كاملاً، لما ورد في بعض الأحاديث من أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصومه كاملاً، وما ورد من النهي عن الصوم بعد منتصف شعبان ففيه مقال، ومعارض بأحاديث صحيحة دالة على خلافه، وما ورد من النهي عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين فلا يعارض ما نحن بصدده من جواز صوم شعبان كاملاً، لأن هذا النهي محمول على من صام ذلك بقصد الاحتياط لرمضان؛ كما ذكر بعض أهل العلم، وبدليل أنه قد رخص في الصيام لمن كان له عادة، كمن يصوم يوماً ويفطر يوماً، أو من كان يصوم الاثنين والخميس.

المصدر: موقع إسلام ويب (بتصرف).

مواضيع ذات صلة

تعليقات

اترك أول تعليق