كفارة الصيام: مقدارها وكيفية إخراجها

2024-02-20

بداية وجب توضيح التمييز الذي يستشكل لدى الكثير من الناس بين كفارة الصيام وفدية الصيام. فالكفارة تجب على من لم يصم بدون عذر شرعي. أما الفدية فتُدفع عمن لم يستطع الصيام بسبب عذرٍ شرعي مثل الأمراض المزمنة. ومع اقتراب شهر رمضان المبارك، حاولنا عبر هذا المقال تجميع وايجاز عدد من المسائل الفقهية المرتبطة بكفارة الصيام والفدية.



الفرق بين “الفدية” و”كفارة الصيام”

في حال الجماع في نهار رمضان عمدًا، فتكون بعتق رقبة مؤمنة. ولأن العتق غير وجود، فتكون الكفارة بصيام شهرين متتابعين. وفي حال العجز عن الصوم، تكون الكفارة بإطعام ستين مسكينًا، لكل مسكين مدٌ من طعام، ويقدر بنحو: 750 جرامًا تقريبا من غالب قوت أهل البلد. وكل ذلك بعد التوبة النصوح والقضاء.

أما في حال تأخِيرِ قضَاءِ رمَضَانَ حَتَّى يدخلَ رمَضَانُ آخَرُ، يكون قدر الكفارة مُد من الطعام عن كل يوم، إلى جانب وجوب القضاء.

أما الفدية  فتجب في حال العجز عن صوم رمضان بسبب مرض لا يرجى برْؤُه، أو هَرَم. أو في حال فِطْر المرضع والحامل إن خافتا على ولديهما فقط، دون نفسيهما. ومقدار الفدية مدٌ من طعام عن كل يوم يفطره أحد هؤلاء. ويجب على الحامل والمرضع خاصة قضاء ما أفطرتاه.

كيفية الإطعام في كفارة الصيام

تكون الكفارة بالإطعام مع وجوب القضاء في حق من أخَّر صوم رمضان حتى أدركه رمضان آخر من غير عذر في مذهب الجمهور.

ويجوز أن يكون الإطعام قبل القضاء ويجوز معه وبعده وإن كان الأولى المبادرة به مسارعة للخير وإبراء للذمة.

ويكون كذلك في حق الحامل والمرضع إذا أفطرتا خوفاً على أولادهما (عند الشافعية والحنابلة) فيلزمهما القضاء وإطعام مسكين عن كل يوم.

ويجوز أن تُدفع الكفارة أو الفدية لمسكين واحد وإن تعددت الأيام لأن كل يوم عبادة مستقلة، فيكون كالكفارات المختلفة.


كالجسد الواحد

حملة الشتاء .. لأجل فلسطين


كيفية الإطعام في كفارة اليوم الواحد

يكون الإطعام في كفارة اليوم الواحد بإعطاء الفقير أو المسكين مداً من بر أو مدين من تمر أو غيره من غالب قوت أهل البلد.

والمد يساوي حفنة واحدة باليدين المعتدلتين المملوءتين. ونصف الصاع مدين، ومقدار المد 750 جراماً تقريباً. ونصف الصاع كيلو ونصف جراماً تقريباً.



الحامل والمرضع إذا أفطرتا

وجب القول بداية أنه لا يجوز للحامل والمرضع أن تُفطرا إلا إذا خافتا ضرراً على نفسيهما أو على ولديهما.

فإذا تحقق الخوف من الضرر إما بالتجربة وإما بإخبار طبيبٍ ثقة أجاز الفطر، جاز لهما أن تُفطراَ.

واختلف العلماء في الواجب عليهما إذا أفطرتا.

  • فصح عن ابن عباسٍ وابن عمر أنهما أمرا بالفدية دون القضاء. بل جعل ابن عباسٍ الحامل والمرضع ممن عُني بقوله تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ {البقرة: 184}، فألحقهما بالمريض الذي لا يُرجى برؤه لتكرر الحمل والرضاع.
  • أما الأئمةُ الأربعة فقالوا بوجوبِ القضاء؛ لقوله تعالى: أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ { البقرة: 184 }. فحالهما كحال المريض الذي يُرجى برؤه. فوجب عليهما القضاء إذا قدرتا عليه.
  • بالإضافة إلى قول الأئمة الأربعة، زاد الشافعي وأحمد وجوب الإطعام وقدره عند الحنابلة مدٌ من بر ونصف صاع من غيره. وأما عند الشافعية فقدره مدٌّ مطلقا، يُدفع إلى مسكين عن كل يومٍ تفطره إذا كان الفطر لأجل الخوف على الجنين، وهذا القول هو أحوط الأقوال وأبرؤها للذمة.

مقدار الفدية

من عجز عن صيام رمضان لكبر أو مرض مزمن فإن عليه أن يطعم عن كل يوم مسكيناً. يقول الله تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ [البقرة:184].  قال ابن عباس: هي باقية في الرجل الكبير والمرأة الكبيرة.

وقد اختلف العلماء في مقدار الفدية عن كل يوم. لكن مذهب الجمهور هو أن المقدار الواجب عن الثلاثين يوماً هو سبعة آصع ونصف.

مقدار فدية من أخّر قضاء رمضان حتى دخل رمضان آخر

اختلف العلماء في وجوب الفدية على من أخر قضاء رمضان عمداً حتى أقبل رمضان آخر. ومذهب الجمهور وجوبها وهو قول أبي هريرة وابن عباس ولا يُعلم لهما مخالف من الصحابة.

ثم اختلف الموجبون للفدية في قدرها بناء على اختلافهم في الفدية الواجبة بالفطر للعاجز عن الصوم. فمذهب الشافعي أنها مد من طعام (بر أو غيره). وقال أحمد هي مد من بُر (قمح) ونصف صاع من غيره. وقيل لا تتقدر لأن أنساً ضعُف عن الصوم عاماً فصنع جفنة ثريد ودعا ثلاثين مسكيناً أشبعهم. أخرجه الدارقطني وقال الألباني في الإرواء: إسناده صحيح.

وآثار الصحابة تشهد لقول الشافعي. فقد روى الدارقطني بإسناده الصحيح -كما قال الألباني في الإرواء-  عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إذا عجز الشيخ الكبير عن الصيام أطعم عن كل يوم مداً مداً. وروى البيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: مداً من حنطة لكل مسكين.



حكم تعجيل إخراج الفدية للعاجز عن الصوم

إذا كان الرض مرجو الشفاء فلا يجزئه الإطعام أصلا. وإنما على المريض أن ينتظر حتى يبرأ بإذن الله ثم يقضي تلك الأيام التي أفطرها؛ لقوله تعالى: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ. {البقرة:184}.

وأما إن كان المرض مما لا يرجى برؤه فعليه فدية إطعام مسكين عن كل يوم أفطره. وأما مقدار الفدية فمد من طعام عند الشافعية. ومد من بر أي قمح ونصف صاع من غيره عند الحنابلة. والمد 750 جراما تقريبا، ونصف الصاع كيلو ونصف تقريبا.

لا يجزئ الإطعام أو الفدية لمن يقدر على قضاء الصيام

الواجب هو قضاء الأيام التي لم يصمها المكلّف. ولا يجوز له الإطعام ولا دفع فدية إذا كان يقدر على الصيام. يقول الله تعالى: وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ {البقرة:185}.

حكم إخراج القيمة نقداً في كفارة تأخير قضاء الصيام

الأصل في الكفارة أن تكون بالإطعام وليس إخراجها نقدا. بل إن أكثر أهل العلم ذهب إلى أن إخراج القيمة نقوداً لا يجزئ عن الإطعام. لكن من العلماء من أجاز إخراجها قيمة نقداً. وعلى هذا القول يُنظر إلى قيمة الطعام الواجب من النقود، فتُدفع للفقير.

كما أن قيمة الكفارة التي تُدفع للجهات التي تُخرج طعاماً – كالجمعيات الخيرية وأهل الخير – فهي مجزأة إن شاء الله.

المصدر: موقع إسلام ويب (بتصرف).

مواضيع ذات صلة

تعليقات

اترك تعليقك