من رحمة الله بنا أن جعل أبواب الصدقة كثيرة، وطرق البذل متنوعة. وقد قال تعالى: (وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ اللّهِ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ). {البقرة:272}. ومن حسن تصرف المتصدق أن يبحث عن أفضل مصارف الصدقة وأنواعها، ليدفعها إلى من يستحقها.
أعظم مصارف الصدقات
تكون الصدقة فيما يحقق مصالح المسلمين العامة، كبناء المساجد حيثما كانت هناك حاجة لذلك. وأن يكون المتصدق عليه أشد حاجة وفقراً. وعلى المتصدق أن يتحرى الخير جهده حتى يوفقه الله إليه. لأن من استعان بالله أعانه.
وقد ذكر أبو حامد في الإحياء ست صفات للمتصدق عليه حتى تكون الصدقة بها أعظم أجراً وأكبر مثوبة:
- أن يطلب الأتقياء المعرضين عن الدنيا المتجردين لتجارة الآخرة. قال صلى الله عليه وسلم: لا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقي. أخرجه أبو داود والترمذي. فيستعين المتقي الصدقة على طاعة الله.
- أن يكون من أهل العلم، فتعينه الصدقة على العلم. وقد كان ابن المبارك يخصص بمعروفه أهل العلم فقيل له لو عممت، فقال: إني لا أعرف بعد مقام النبوة أفضل من مقام العلماء، فإذا اشتغل قلب أحدهم بحاجته لم يتفرغ للعلم ولم يقبل على التعلم فتفريغهم للعلم أفضل.
- أن يكون صادقاً في تقواه وعلمه بالتوحيد. حتى إذا أخذ العطاء حمد الله عز وجل وشكره ورأى أن النعمة منه ولم ينظر إلى واسطة فهذا هو أشكر العباد لله سبحانه وهو أن يرى أن النعمة كلها منه.
- أن يكون مستتراً مخفياً حاجته لا يكثر البث والشكوى، أو يكون من أهل المروءة ممن ذهبت نعمته وبقيت عادته فهو يتعيش في جلباب التجمل، قال الله تعالى: (يَحْسَبُهُمُ ٱلْجَاهِلُ أَغْنِيَآءَ مِنَ ٱلتَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَٰهُمْ لَا يَسْـَٔلُونَ ٱلنَّاسَ إِلْحَافًا ۗ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍۢ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِۦ عَلِيمٌ).
- أن يكون معيلا أو محبوسا بمرض أو بسبب من الأسباب فيوجد فيه معنى قوله عز وجل: (ِلْفُقَرَآءِ ٱلَّذِينَ أُحْصِرُواْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِى ٱلْأَرْضِ) أي حبسوا في طريق الآخرة بعيلة أو ضيق معيشة. ولذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي الآهل حظين من الفيء، ويعطي العزب حظا كما في سنن أبي داود.
- أن يكون من الأقارب وذوي الأرحام فتكون صدقة وصلة رحم، وفي صلة الرحم من الثواب ما لا يحصى، وفي الحديث: الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذي الرحم ثنتان: صدقة وصلة. أخرجه الترمذي.
أفضل الصدقات الصدقة الجارية
تعتبر الصدقة الجارية والمساهمة فيها من أفضل الصدقات، لأنها مستمرة ونفعها وأجرها لا ينقطعان بعد موت صاحبها ما دام نفعها مستمراً. مثل بناء البيوت للأسر الفقيرة والأرامل، وحفر الآبار ومد أنابيب المياه، وبناء المساجد، ومراكز تحفيظ القرآن الكريم، وبناء المدارس، والمستشفيات. فكل ذلك وغيره يصل المرء نفعه وثوابه ويكفر عنه سيئاته حياً كان أم ميتا.
وقد فسّر العلماء الصدقة الجارية بالوقف بأنواعه. وقد ذكر السندي شارح جامع الترمذي عند شرح حديث: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية وعلم ينتفع به وولد صالح يدعو له). قال: صدقة جارية هي الوقف وشبهه مما يدوم نفعه.
أفضل الصدقات عن الميت
أفضل صدقة عن الميت هي: توفير الماء لمن يحتاج إليه. فهي صدقة جارية، كتسبيل منفعته بحفر بئر، أو إجراء نهر. فقد روى الإمام أحمد وغيره عن سعد بن عبادة- رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله إن أمي ماتت، أفأتصدق عنها؟ قال: نعم، قلت: فأي الصدقة أفضل؟ قال: سقي الماء. حسنه الألباني.
المصدر: موقع إسلام ويب (بتصرف).