أيُّ قوة وأي عزيمة يمتلكها هؤلاء؟؟!! … أي شجاعة يمتلكها الأشخاص الذين فقدوا أحد أعضائهم؟؟!! دروسٌ نتلقاها يومياً من هذه الفئة، في الحياة العادية وعبر وسائل الإعلام، مفادها أن تُصارع لكي تكون شخصاً عادياً، ولكي تحيا حياة عادية، لا تختلف عن حياة أي شخص آخر. بل وأن تكافح وتنجح ويكون لك أثرٌ في هذه الحياة رغم المعاناة. لأن الأمر ليس سهلاً كما نتصور. فالشخص الذي ينتمي بفئة مبتوري الأعضاء يصارع على أكثر من جبهة. صراع من أجل الخروج من حالة العزلة النفسية، وآخر مع مرضه وثالث مع الناس والمجتمع لإجبارهم على تقبله واحترامه.
بتر الأعضاء … تعددت الأسباب والمعاناة واحدة
قرابة مليون حالة بتر لأحد أطراف الضحايا تجري سنوياً حول العالم، كما تتعدد الأسباب التي تتطلب ذلك . فأغلب حالات البتر التي تعرفها الدول المتقدمة ترجع إلى بعض الأمراض التي تصيب أطراف الإنسان، مثل الانسداد الذي يصيب الأوعية الدموية فيمنع تدفق الدم إلى العضو البشري. بالإضافة إلى الصدمات النفسية ومرض السكري والسرطان.
أما في الدول النامية فأكثر حالات البتر تقع لأشخاص يعيشون في بيئات غير محمية أو أوضاع اقتصادية صعبة. مثل أصحاب المهن اليدوية كالعمال والمزارعين، الذين هم عرضة للدغات الثعابين والعقارب. أو الإصابة بمرض الورم الفطري الذي عادة ما يصيب الأقدام.
كما أن الحروب التي تفتك بالملايين سنوياً. صحيح أن الآلاف ينجمون من لهيبها، لكن بأجسادٍ تشوهت جراء انفجار أو قصف أو لغم أرضي.
أضف إلى ذلك حوادث المصانع أو الأمراض التي تنتقل عبر مياه الصرف الصحي. وبحسب “مجلة جراحة وأبحاث العظام الأمريكية” (Journal of Orthopaedic Surgery and Research) فإن سوء الرعاية الصحية من أكثر الأسباب التي تؤدي إلى بتر الأعضاء.
مبتوري الأعضاء: حالات إنسانية تستدعي تظافر كل الجهود لتلبية احتياجاتها
بتر الأطراف من الحالات التي تتطلب عناية وإعادة تأهيل تستمران طيلة حياة الشخص المصاب. إذ يحتاج الأشخاص الذين بُترت أطرافهم إلى تأمين المستلزمات الطبية واستبدال العكازات والأطراف الصناعية الأخرى كل ثلاث أو خمس سنوات في حالات الكبار، وكل ستة أشهر بالنسبة للأطفال بسبب النمو الطبيعي لأجسامهم.
لكن ليس كل الدول بمقدورها أن تغطي كامل حاجتها من الأعضاء البديلة للمتضررين سواء بتوفيرها في المستشفيات أو عبر تجهيز مراكز تصنيع هذه الأعضاء. إذ تشير إحصائيات أصدرتها “الأكاديمية الأمريكية لأطباء تقويم العظام والأطراف الاصطناعية” (The American Academy of Orthopaedic Surgeons)، إلى أن قرابة 80 بالمائة من الأشخاص مبتوري الأطراف السفلية في العالم لا يستطيعون الحصول على الأعضاء الاصطناعية البديلة، التي قد تبلغ تكلفة تصنيعها ستة أضعاف متوسط دخل الأسرة الواحدة في الدول النامية.
ومن المعروف أيضا أن الكثيرين منهم لا يستطيعون إعالة أُسرهم بسبب العجز الذي أصابهم وبالتالي تنقص فرص توظيف هذه الفئة من المجتمع.
الأمر الذي يستدعي من المنظمات الخيرية والإنسانية العمل على تقديم كل الدعم النفسي والمادي للآلاف حول العالم، عبر إطلاق حملات التبرع من أجل توفير الأطراف البديلة وتشييد مراكز تصنيعها في الدول الفقيرة، وكفالة ذوي الاحتياجات الخاصة من مبتوري الأطراف، للتخفيف من معاناتهم خاصة في مناطق الحروب أو المناطق الفقيرة التي تعاني نقصاً في مختلف مناحي الحياة.