هذا القانون النبوي، هو أخطر قانون على كل مسلم ومسلمة. فإذا لم نطبقه بحذر شديد، سنخسر الكثير. هذا القانون أسميته “قانون الفَلَسْ” الذي تأتي منه كلمة (المُفلس). فعن ماذا يتحدث هذا القانون؟
الإنسان في هذه الحياة قد يقضي جُلّ عمره في تجارته وجمع الأموال وشراء العقارات واكتناز الذهب والماس. وهو في فطرته يرغب في توفير الحماية لمدخراته وثروته التي تعب في جمعها. فإما أن يضعها في البنوك، أو يحفظها داخل خزنة متينة في بيته. بل قد لا يكتفي بذلك فيقوم ببناء أسوارٍ عالية حول بيته، ويضع عليها الأشواك السلكية لكيلا يتجرأ أي سارق ليقفز من فوق السور ويأخذها. فهل يكفي هذا؟ طبعاً لا.
فيُقدم هذا على تربية كلابٍ شرسة حتى يضمن الحفاظ على ثروته وأمواله.
هذا هو حاله مع أموال الدنيا. فماذا عن أموال الآخرة؟ فالعقارات والثروة والأموال لا تساوي شيئاً يوم القيامة، فليس لها أية قيمة. يقول تعالى [هَلَكَ عَنِّى سُلْطَانِيَهْ] (الحاقة – 29)، فلا مال ولا سلطان ولا جاه لمخلوقٍ يوم القيامة.
الحسنات: عُملة يوم القيامة
فالسؤال هنا: ماهي العملة التي تُتداول يوم القيامة؟ هي الحسنات.
فتخيّل معي يا رعاك الله. أننا نؤدي جميع فرائضنا وواجباتنا، فنصلي ونصوم ونزكي ونحج ونعمل الحسنات. ولكن هذا كله يُدمَّر بشيء آخر، بسبب أننا لم ننتبه إلى “قانون الفَلَسْ”.
كان نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام جالساً مع أصحابه فسألهم هذا السؤال، مثلما روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: [أتدرون ما المفلِسُ؟ قالوا: المفلِسُ فينا من لا درهمَ له ولا متاعَ. فقال: إنَّ المفلسَ من أمَّتي، يأتي يومَ القيامةِ بصلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مالَ هذا، وسفك دمَ هذا، وضرب هذا. فيُعطَى هذا من حسناتِه وهذا من حسناتِه. فإن فَنِيَتْ حسناتُه قبل أن يقضيَ ما عليه، أخذ من خطاياهم فطُرِحت عليه ثمَّ طُرِح في النَّارِ] (رواه مسلم).
احذر مدمّر الحسنات
فعلى المسلم أن يكون أشد الحرص على الحفاظ على حسناته كما يفعل بأمواله. لكن كيف له أن يدافع عن هذه الحسنات ويحميها من الغرباء؟ حتى لا سيصيبه القهر – والعياذ بالله – وهو يرى حسناته يوم القيامة يأخذها الأشخاص الغرباء الذين شتمهم وأكل مالهم وظلمهم وسفك دمائهم.
والمسلم يحمي حسناته من الضياع بشيئين اثنين: إمساك اللسان، وحُسن الخُلق.
فاللسان هو مدمّر الحسنات يوم القيامة، ونفس الشيء يفعله السلوك الخاطئ والأخلاق السيئة.
فهذه قضية خطيرة جداً يجب أن يفهمها الإنسان المسلم. يقول تعالى: (وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا) [الفرقان: 63]. وقوله أيضا: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِي أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِي حَمِيمٌ) [فصلت: 34].
فتعلم أخي الفاضل هذا القانون ولتحذر من ضياع الحسنات يوم الدين.
الموسم الثاني من برنامج “قانون نبي”.