هكذا اختار الأديب مصطفى صادق الرافعي تسمية رمضان بـ “مدرسة الثلاثين يوما” لكثرة ما فيه من دروس عظيمة تصلح الفرد والمجتمع.
وقد جلّى القرآن لنا العلّة الغائية من فرض الصوم فقال سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون}.
فتحقيق التقوى هو الحكمة من تشريع فريضة الصوم على المسلمين. ونعني بالتقوى هنا أن تستعين بالصوم على التّوقي من محارم الله الموجبة لسخطه؛ لأن الصوم يتضمن الصبر عن الشهوة المباحة مع شدة الاحتياج إليها، ومن كان قادرا على الصبر عن المباح الضروري فهو إذن أقدر على الصبر عن غير الضروري من المحرمات.
غير أن التّوقي من تلك المحارم يستلزم تحقيق جملة من المعاني العظيمة التي لو تحلّى بها الفرد أو المجتمع لكان في ذلك خلاصهم من الأثرة وطغيان المادة وضعف الإرادة. فالصوم يورث في نفس الصائم شعورا بألم الفقير الذي لا يجد اللقمة؛ لأن الرحمة تنشأ عن الألم، فيرحم الغني الجائع الفقير الجائع.
وليس يخفى أيضا ما في الصوم من تربية النفس على الإرادة لترك حظوظ الجسد.. ولهذا استحق رمضان أن يكون مدرسة متفردة.
الكاتب: الشيخ تركي عبيد المري