أصبحت الأمراض المرتبطة بضعف النظر من الأمور المفروغ منها لدى الكثير من المجتمعات، بفضل تطور العلاجات والأجهزة التي تحسّن الرؤية لدى المصابين بها. لكن الوضع مختلف تماماً في الدول الفقيرة ذات الدخل المنخفض. إذ تشير التقديرات إلى أن 1.1 مليار شخص على مستوى العالم يعانون من ضعف البصر وأن 90 في المائة منهم يعيشون في الدول الفقيرة والنامية. والملفت أن دراسات وجدت ارتباطاً وثيقا بين أمراض ضعف النظر والفقر. فنسبة كبيرة جداً ممن يعانون من ضعف النظر والمكفوفين لا تستطيعون العمل. وبالتالي فإن توفير العلاج للمصابين بضعف النظر في المجتمعات النامية من شأنه أن يساعد في معالجة العديد من القضايا الأخرى المرتبطة بالفقر، بما في ذلك التعليم وتمكين الأسر وتحسين ظروف المرأة.
ستتعرف عبر هذا المقال على:
كالجسد الواحد
حملة الشتاء .. لأجل فلسطين
عالج مريضاً.. تصنع أثراً
خير الناس أنفعهم للناس، ساهم في التخفيف عن المرضى
المكفوف وضعيف البصر … ما الفرق بينهما؟
ضعف النظر هو انخفاض في قدرة العين على الرؤية إلى درجة معينة. ويسبب ذلك مشاكل لا يمكن إصلاحها بالوسائل المعتادة، مثل النظارات. وقد يكون السبب فقدان حدة البصر، فلا ترى العين الأشياء بالوضوح المعتاد. أو قد يكون أيضًا ناتجًا عن فقدان المجال البصري، فلا تستطيع العين رؤية مساحة واسعة كالمعتاد دون تحريك العينين أو قلب الرأس. ومن النادر حصول ضعف النظر لدى الأطفال مقارنة بكبار السن.
أما العمى فهو “حالة عدم القدرة على الرؤية بسبب إصابة أو مرض أو حالة وراثية.
وأسباب ضعف النظر الأكثر شيوعاً هي الأخطاء غير المصححة (قصر النظر إلى مسافة قريبة أو بعيدة وقصر النظر الشيخوخي)، وإعتام عدسة العين (الذي يعد السبب الأكثر شيوعًا للعمى)، والزرق.
بالإضافة إلى اضطرابات أخرى قد تسبب مشاكل بصرية تشمل الضمور البقعي المرتبط بالعمر، واعتلال الشبكية السكري، وتغُّيم القرنية، وعمى الأطفال، بالإضافة إلى التهابات أخرى.
كما يمكن أن يحدث ضعف النظر أيضًا بسبب مشاكل في الدماغ بسبب السكتة الدماغية، أو الولادة المبكرة، أو الصدمة.
وقد يؤدي فحص مشاكل الرؤية لدى الأطفال إلى تحسين الرؤية المستقبلية والتحصيل التعليمي.
الوقوع في الحلقة المفرغة للفقر وأمراض البصر
غالباً من يتم ربط قضايا الفقر في المجتمعات الفقيرة بتحديات مختلفة مثل التعليم أو سوء التغذية. ومن النادر جداً أن يتم ربطه بأمراض البصر. لأنه قد لا يبدو للوهلة الأولى أن هناك أن ارتباطاً بين مشاكل العمى وضعف النظر وتفشي الفقر، بالرغم من أن تسعة من كل عشرة مكفوفين يعيشون في البلدان النامية يعيشون في فقر مدقع، بسبب أن المرض الذي حرمهم من حقهم في الحصول على تعليم أفضل. أو وظيفة تحسّن من وضعهم الاجتماعي والاقتصادي.
فالإعاقة البصرية تؤدي في الغالب إلى تفاقم قضايا الفقر. لذا فإن معالجة وتحسين البصر في البلدان النامية جزء مهم للخروج من الحلقة المفرغة الفقر.
كما أن ظروف الفقر تؤدي في كثير من الأحيان إلى الإصابة بضعف النظر أو العمى. خاصة عند العيش وسط ظروف لا تتوفر على الرعاية الصحية والعلاج المناسبين، أين يصاب العديد من الأشخاص بأمراض العيون التي كان من الممكن علاجها بسهولة، لكنهم بدلاً من ذلك يعانون في صمت بسبب نقص الإمكانات.
أسباب الفقر المرتبط بالإعاقة البصرية
1* تأثير الثقافة السلبية على المصابين بالإعاقة البصرية
يعاني الكثير من المصابين بالإعاقة البصرية من النظرة السلبية التي يواجهونها وسط مجتمعاتهم. فالكثير منهم فقدوا مكانتهم الاجتماعية وسلطة اتخاذ القرار وباتوا يعتمدون في مهامهم اليومية إلى مساعدة الآخرين.
2* إصابة النساء بالعمى
أظهرت دراسات أن أحد أسرع الطرق للحد من الفقر هو تمكين المرأة. فمن بين 39 مليون كفيف في العالم، يشكل فيه النساء والفتيات نسبة 64%. كما يشكل النساء ما يقرب من 75٪ من العمى الناجم عن إعتام عدسة العين ولا يخضعن للجراحة بنفس معدل الرجال.
كما أنه في المناطق في إفريقيا، أصبح خطر الإصابة بالعمى بسبب التراخوما أكبر بأربع مرات لدى النساء منه لدى الرجال. لذلك، من الفوائد الأخرى لمكافحة العمى عند ذوي الدخل المنخفض هو تمكين المرأة
3* ضعف النظر لدى الأطفال
يؤثر ضعف النظر على نمو الطفل من نواحي معرفية، وعاطفية وعصبية، وجسدية، من خلال الحد من نطاق الخبرات والمعلومات يتلقاها الطفل.
فما يقرب من ثلثي الأطفال المصابين ضعف النظر يعانون أيضًا من واحد أو أكثر من إعاقات النمو الأخرى، مثل التخلف العقلي أو الشلل الدماغي أو فقدان السمع أو الصرع.
كما أن الأطفال الذين يعانون من ضعف شديد في الرؤية هم أكثر عرضة للإصابة بإعاقات إضافية من الأطفال الذين يعانون من ضعف بصري معتدل.
4* أثر ضعف البصر على الأسر
يحتاج حوالي 75٪ من الأشخاص الذين يعانون من ضعف البصر أو العمى إلى المساعدة في أداء مهامهم اليومية.
ففي البلدان النامية، يحتاج معظم البالغين المكفوفين إلى أن يقودهم إما أطفال أو بالغون مبصرون. عند قد يضطر الطفل المبصر الذي يقوم على رعاية الشخص الكفيف إلى التوقف عن الذهاب إلى المدرسة، كما قد يتوقف البالغ المبصر عن العمل.
وبالتالي، هناك تداعيات طويلة الأمد على الاقتصاد والتعليم تتجاوز الفرد الكفيف. وهو ما يؤثر سلباً على النسيج الاجتماعي، بسبب أن وجود فرد كفيف داخل الأسرة قد يكون سبباً لبقاء الأسرة بأكملها تحت خط الفقر.
4* العبء الاقتصادي للعمى
يؤثر العمى وضعف النظر بشكل هائل على نوعية الحياة بسبب انعدام الأمن المالي. المكفوفين فضعفاء البصر والمكفوفين يتأثرون ماديا بشكل كبير، فحوالي 90٪ منهم لا يستطيعون العمل بسبب تضاءل فرصة الانخراط في أنشطة إنتاجية لديهم مقارنة بغيرهم.
التصدي للفقر هو أفضل وقاية للإصابة بالعمى أو فقد البصر
معالجة مشاكل العمى وضعف النظر في البلدان النامية مهمة ضخمة. تبدأ بمعالجة هذه الأسباب المؤدية لذلك والتي من أهمها الفقر، نظرًا لأن العديد من مشاكل البصر التي يمكن الوقاية منها ومعالجتها ناجمة عن الفقر. كما أن إنهاء الفقر سيمنع أيضًا وقوع العديد من مشاكل البصر التي تؤدي إلى تعميق ظروف الفقر التي تعانيها الأسر والمجتمعات. فيؤدي تعزيز ظروف الصحة والتعليم إلى تحسين البصر، كما يؤدي تحسين البصر بدوره نتيجة تحسّن ظروف العلاج إلى صحة عامة أفضل ووضع اقتصادي أحسن.