الغارمين: أصنافهم وشروطهم، ولماذا ليس كل مدين غارماً يستحق الزكاة؟

2022-05-25

لقد جعل الإسلام نجدة المكروب وإغاثة المضطر من الفضائل التي يؤجر عليها فاعلها حتى يحفظ للمجتمع توازنه وللبشر أمانهم واستقرارهم. بل جعل فريضة الزكاة تلزم الأغنياء بإخراج جزء يسير من مالهم لمساعدة أشد الناس فقراً واضطراراً، حددهم في ثمانية أصنافٍ لا يجوز إعطاء الزكاة لغيرها، وكان الغارمون أحد هذه الأصناف. يقول سبحانه: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) {التوبة: 60}. وقد اشترط العلماء في المدين الغارم الذي يستحق من أموال الزكاة عجزه عن الوفاء بدينه. فإن ثبت ذلك جاز إعطاؤه من مال الزكاة، أما إن كان غير عاجز عن الوفاء فلا يدفعها المزكي له.



ليس كل مدين غارم

لقد وضع أهل العلم شروطاً لجواز دفع مال الزكاة للمدين الغارم. فلا يصدق بمجرد دعوى أنه مدين. فإذا:

  •  لم يعلم المزكي لا حجم الدين ولا يعلم هل المدين عاجز عن أدائه أم لا فلا يعطيه من الزكاة. بل لابد من بينة فيما يخفى مثل الديون الخاصة بمصلحة الشخص أو من جهة إصلاح ذات البين.
  • كان المدين غير عاجز عن أداءه فلا يجوز إعطاؤه من الزكاة. فعلى المزكي أن يحتاط لزكاته فلا يدفعها إلا لمن هو محتاج مستحق حقيقة مثل الفقراء والمحتاجين وهم كثيرون.
  • إذا كان المتبقي من ماله بعد سداد الأقساط المترتبة عليه يكفي لحاجاته وحاجات أسرته الأصلية فليس هو من الغارمين الذين يجوز صرف الزكاة إليهم.

أما من كان ذو عيال وراتبه لا يفي بمتطلبات الحياة الضرورية، وعليه ديون لا يستطيع الوفاء بها فهو من الغارمين المعدودين ضمن الأصناف الثمانية.

كما أنه يجوز إعطاؤه من الزكاة ولو كان يملك سيارة أو يتقاضى راتبا لا يكفي لحاجته الضرورية، إذا ثبت أن الرجل في الحقيقة غارم عاجز عن الوفاء بدينه.

جاء في المغني: (والغارمين ـ وهم المدينون العاجزون عن وفاء ديونهم، هذا الصنف السادس من أصناف الزكاة ولا خلاف في استحقاقهم وثبوت سهمهم، وأن المدينين العاجزين عن وفاء ديونهم منهم … إلى أن قال: وإذا كان الرجل غنيا وعليه دين لمصلحة لا يطيق قضاءه جاز أن يدفع إليه ما يتم به قضاؤه مع ما زاد عن حد الغنى، قال أحمد لا يعطى من عنده خمسون درهما أو حسابها من الذهب إلا مدينا فيعطى دينه وإن كان يمكنه قضاء الدين من غير نقص من الغناء لم يعط شيئا …).



أقسام الغارمين

ذكر الشيخ العثيمين – رحمه الله – أن الغارمين المستحقين للزكاة نوعان هما: الأول: غارم لإصلاح ذات البين.

  • غارم لمصلحة نفسه، كأن يستدين في نفقة أو كسوة أو زواج أو سكن أو مرض ونحو ذلك. فيُعطى من الزكاة بقدر ما غرم.
  • غارم لمصلحة المجتمع أو لمصلحة الغير، وهو الذين يغرم لإصلاح ذات البين. فيوفى عنه الدين إذا لم يقدر على وفائه.

شروط إعطاء الزكاة للغارم لمصلحة نفسه

  1. أن يكون في حاجة إلى ما يقضي به الدين إن كان غير قادراً على سداده. كما لا يمنعه من إعطاء الزكاة إن كان لا يملك شيئاً ولكنه يقدر على العمل والكسب. أما إن كان قادراً على سداد الدين لم يعط من الزكاة.
  2. أن يكون قد استدان في مباح أو في طاعة، فلو استدان في معصية فلا يعطى. أما من استدان في معصية تاب منها، فيعطى من الزكاة بقدر ما يفي بدينه.

ولا يشترط أن يكون هذا الغارم صفر اليدين حتى يُعطى من الزكاة، فقد يكون لديه المسكن والملبس والفراش وغير ذلك من حاجيات الحياة التي لا تعتبر مانعة من إعطائه ما يقضي دينه.

الغارم الذي عليه دين عن قرض ربوي

إذا كان الدين ناجماً عن قرض ربوي، على المدين أن يتوب من الذنب أولاً حتى يستحق من أموال الزكاةـ. أما إن كان الدين غير مترتب عن قرض ربوي فالأصل أن الغارم صنف من الأصناف الثمانية الذين تدفع لهم الزكاة مادامت الشروط متحققة.



يجوز إعطاء المدين من الصدقات حتى إن لم يستحق أموال الزكاة

إذا لم يعد للمدين دين يعجز عن سداده فلا يُعطى من مال الزكاة؛ لزوال الصفة قبل دفع المال إليه. أما إذا كانت نية المتبرع هي الصدقة عليه بالمال، فيجوز ذلك ولو زال عنه وصف الغارم.


المصدر: فتاوى مختارة من موقع إسلام ويب (بتصرف).

مواضيع ذات صلة

تعليقات

اترك أول تعليق