لسنواتٍ طويلة، ظل مرض التهاب الكبد الفيروسي لا يحظى بالاهتمام الكافي باعتباره وباءً عالمياً، على الرغم من تسجيل الكثير من الحالات. ويعود ذلك لطبيعته المراوغة التي قد تُعجز الأطباء عن اكتشافه إلا بعد تفشي المرض في جسم المصاب. فالكثير من الحالات تسبب مرضاً خفيفاً وتمر دون اكتشافها، ولكن بعضها يمكن أن يشكل خطراً على حياة المصاب، مثلما أشارت تقديرات في 2019 إلى وفاة نحو 78000 حول العالم بسبب مضاعفات الإصابة بعدوى التهاب الكبد الحاد من الأنواع المعروفة. فيما يظل %42 من الأطفال حول العالم يحصلون على جرعة اللقاح المضاد لالتهاب الكبد B عند الولادة.
ستتعرف عبر هذا المقال على:
وقد عرفت البشرية خلال السنوات القليلة الماضية موجة جديدة من حالات عدوى التهاب الكبد الحاد التي تصيب الأطفال. وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن سبب ذلك يبقى غير معروفاً، خاصة أن هذه العدوى التي لا تنتمي إلى أي واحد من الأنواع الخمسة المعروفة من فيروسات التهاب الكبد وهي: A، وB، وC، وD، وE، إلا أنها تواصل انتشارها لتصيب آلاف الأطفال والمراهقين والبالغين سنوياً.
ما هو التهاب الكبد الفيروسي؟ وما أنواعه؟
يشكل التهاب الكبد الفيروسي تحدياً للصحة العامة لجميع دول العالم. إذ يصيب ملايين الأشخاص كل عام. حيث ما يقرب من 50 مليون شخص مصاب بعدوى مزمنة بفيروس المرض. بينما يموت قرابة مليون شخص لأمراض الكبد التي لها صلة بالتهاب الكبد الفيروسي، خاصة سرطان الكبد.
والتهاب الكبد الفيروسي عبارة عن التهابات تصيب الكبد الناتجة عن واحد من 5 فيروسات المشار إليها بـ A، وB، وC، وD، وE، التي تختلف في تأثيراتها المرضية المتفاوتة على كبد المريض، بالإضافة إلى التشخيص، والوقاية، والعلاج.
1. الالتهاب الفيروسي A
ويظهر في براز الأشخاص المصابين. وغالبًا ما ينتقل عن طريق استهلاك المياه أو الطعام الملوث. وتكون العدوى في كثير من الحالات خفيفة، حيث يتعافى معظم الأشخاص تمامًا ويبقون محصنين من المزيد من عدوى فيروس التهاب الكبد الوبائي. حيث تتوفر لقاحات آمنة وفعالة للوقاية من هذا فيروس. ومع ذلك، يمكن أن تكون عدوى فيروس التهاب الكبد A خطيرة أيضًا ومهددة للحياة. وينشر هذا الفيروس في المناطق الفقيرة التي تعاني من سوء الصرف الصحي.
2. الالتهاب الفيروسي B
وينتشر من خلال التعرض للدم المعدي أو سوائل الجسم الأخرى. كما يمكن أن ينتقل فيروس التهاب الكبد B من الأمهات المصابات إلى الرضع وقت الولادة أو من أحد أفراد الأسرة إلى الرضيع في مرحلة الطفولة المبكرة.
كما يحدث انتقال العدوى أيضًا من خلال عمليات نقل الدم ومشتقات الدم الملوثة بفيروس التهاب الكبد الحقن الملوثة أثناء الإجراءات الطبية، أو من خلال تعاطي المخدرات بالحقن.
ويشكل هذا الصنف من الالتهاب الكبدي الوبائي خطرًا على العاملين في مجال الرعاية الصحية الذين يتعرضون لإصابات عرضية لوخز الإبرة أثناء رعاية مرضى التهاب الكبدي.
وتتوفر لقاحات آمنة وفعالة للوقاية من فيروس التهاب الكبد B.
كالجسد الواحد
حملة الشتاء .. لأجل فلسطين
عالج مريضاً.. تصنع أثراً
خير الناس أنفعهم للناس، ساهم في التخفيف عن المرضى
3. الالتهاب الفيروسي C
وينتقل في الغالب من خلال التعرض للدم المعدي. قد يحدث هذا من خلال عمليات نقل الدم ومشتقاته الملوثة بفيروس التهاب الكبد الوبائي، والحقن الملوثة أثناء الإجراءات الطبية أو خلال تعاطي المخدرات بالحقن. ولا يوجد لقاح ضد فيروس التهاب الكبد الوبائي C.
4. الالتهاب الفيروسي D
وتحدث عدوى هذا الفيروس فقط للأشخاص المصابين بالفيروس من النوع B. ويمكن أن تؤدي هذه العدوى المزدوجة إلى مرض أكثر خطورة ونتائج أسوأ. وأكبر حماية من عدوى هذا الفيروس هي توفير لقاحات الفيروس من النوع B.
5. الالتهاب الفيروسي E
وتنتشر في الغالب من خلال استهلاك المياه أو الطعام الملوث. وفيروس التهاب الكبد الوبائي هو سبب شائع لتفشي التهاب الكبد في المناطق النامية من العالم. كما يتم التأكيد عليه بشكل متزايد باعتباره سببًا مهمًا للمرض في البلدان المتقدمة. تم تطوير لقاحات آمنة وفعالة للوقاية من عدوى هذا الصنف من فيروس التهاب الكبد الوبائي، لكنها غير متوفرة لدى الكثير من الدول.
مجتمعات الفقر، واللجوء، وتدني خدمات الإصحاح هي الأكثر تضرراً
تتعرض بعض المجتمعات الفقيرة أكثر من غيرها لخطر انتشار عدوى الفيروس، نظراً لتدني جودة الطعام والإصحاح فيها. حيث يمثل علاج المرض عبئاً ثقيلاً لدى الكثير من الأنظمة الصحية والأسر الفقيرة بسبب تكاليفه الباهظة. ففي الكثير من البلدان يتطلب علاج فيروس التهاب الكبد الفيروسي في مراحله المتأخرة زراعة كبد في جسم المريض. فمن المعروف أن هذا النوع من العلاجات باهظة الثمن.
وتصنف قارتي آسيا وأفريقيا الأكثر تضررًا من انتشار وباء التهاب الكبد الفيروسي. ومعظم الأشخاص المصابين بالفيروس من صنف B، وC لا يعرفون حالتهم.
كما أنها موطن لأكبر نسبة للمهاجرين واللاجئين. حيث تستضيف البلدان الآسيوية والأفريقية 84٪ من إجمالي اللاجئين.
وغالبًا ما تقتصر الجهود المبذولة لتحديد ومعالجة المهاجرين واللاجئين المصابين بفيروس التهاب الكبد B وفيروس التهاب الكبد C على برامج التوعية الصغيرة.
وتنصح دراسة بضرورة دمج اللاجئين في برامج الفحص والعلاج الوطنية للدول المستضيفة تعزيزاً للإنصاف الصحي ودعماً للاستجابات الشاملة للوباء داخل هذه الدول.
ففي السودان، كانت السلطات قد زادت مخاوفها العام الماضي بعد انتشار التهاب الكبد الفيروسي (E) بين اللاجئين الإثيوبيين في مخيمات اللجوء بولايتَي كسلا والقضارف شرقي السودان، حتى لا تنتقل العدوى في المناطق الحدودية وصولاً إلى العمق السوداني.
وفي مخيّمات اللاجئين الفلسطينيين بلبنان، حذّرت تقارير من خطر انتشار مرض الكبد الوبائي الفيروسي A داخلها، بعد تزايد الحالات المسجلة في منطقة شمال لبنان. وقد كانت مستشفيات مدينة طرابلس قد استقبلت شهر يونيو الماضي حالات إصابة، وسط مخاوف وتحذيرات من انتشار المرض إلى مناطق أخرى.
موجة جديدة لالتهاب الكبد الحاد غير معروف السبب تصيب أوروبا وأمريكا
عرفت البشرية خلال السنوات القليلة الماضية موجدة جديدة من حالات عدوى التهاب الكبد الحاد لتي تصيب الأطفال. وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن سبب ذلك يبقى غير معروفاً، خاصة أن هذه العدوى التي لا تنتمي إلى أي واحد من الأنواع الخمسة المعروفة من فيروسات التهاب الكبد وهي: A، وB، وC، وD، وE، إلا أنها تواصل انتشارها لتصيب آلاف الأطفال والمراهقين والبالغين سنوياً.
وقالت منظمة الصحة العالمية، في شهر أبريل الماضي، أن فاشيات جديدة لعدوى التهاب الكبد الحاد غير المعروف السبب قد مست 11 دولة أوروبية بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية. وحرصت المنظمة على التأكيد أنه من غير الواضح إن كانت زيادة حالات الإبلاغ عن إصابات هو دليل على تسجيل حالات جديدة، أم أنها قديمة لكنها لم تكتشف.
وقد تراوحت أعمار الأطفال المصابين بين شهر واحد و16 عاماً. حيث احتاجت حوالي %10 من الإصابات إلى عملية زراعة الكبد. بينما قالت أشارت السلطات الصحية الأمريكية إلى وفاة طفل يُحتمل أن تكون بسبب التهاب الكبد الحاد.
بينما دعت وكالة الأمن الصحي الحكومية في المملكة المتحدة، الأطباء إلى أن يكونوا يقضين لهذا الوضع الناشئ، عبر مراقبة الأطفال الذين تظهر عليهم أعراض يُحتمل أن تُعزى إلى التهاب الكبد الذي قد تتطلب اختبار وظائف الكبد. وتشمل:
- تغير لون البول (داكن) و / أو البراز (شاحب).
- اليرقان.
- حكة.
- ألم مفصلي / ألم عضلي.
- حُمى بيركسيا (Pyrexia).
- الغثيان والقيء وآلام في البطن.
- الخمول و / أو فقدان الشهية.
الحلول للتصدي للوباء: التوعية، والوقاية بتوفير اللقاحات، وخفض تكاليف العلاج
وإضافة إلى التوعية حول هذا الوباء الفتاك عبر الحملات الإعلامية، يتعين التركيز على التصدي له عبر خطوات للوقاية من الإصابة به وخفض تكاليف العلاج:
- التطعيمات واللقاحات المأمونة والفعالة على نطاق واسع.
- توفير الطعام المأمون.
- دعم مشاريع الصحة في المناطق الفقيرة وداخل مخيمات اللجوء من أجل محاصرته والحد من انتشاره.
- النقل الآمن للدم، وزيادة التثقيف حول التبرع بالدم
- زيادة إجراءات السلامة للعاملين في الرعاية الصحية.
- دعم التشخيص المبكر لتقديم دعم طبي أفضل.
- التثقيف الذاتي الذي يقع على كل شخص من أجل وقف انتقال التهاب الكبد داخل المجتمع المحلي.
- التواصل مع مصالح الرعاية الصحية ولإجراء اختبار الكشف والحصول على العلاج في الوقت المناسب للوقاية من تليف الكبد وأمراضه.
- حرص الأم الحامل على الخضوع لاختبار التهاب الكبد B للوقاية من انتقال العدوى إلى الطفل.
- حرص المستشفيات والأولياء على تطعيم المواليد ضد التهاب الكبد B في غضون 24 ساعة من ولادتهم.