من اليُتم واللجوء إلى شهرة التدريب العالمي

2019-03-12

عانى من مرارة اليتم واللجوء معا منذ نعومة أظافره. ولكن الدكتور “حياة الله عتيد” مع ذلك استطاع من قلب هذه المحنة أن ينهض بقوة. أن يسطِّر قصة نجاح من أروع قصص الانجاز على المستويين العلمي والعملي.

فقد حصل على الماجستير في الأدب العربي بتقدير ممتاز، والدكتوراه في التنمية البشرية بتقدير ممتاز أيضا. وبنى شهرته كمدرب عالمي ومستشار في التنمية البشرية، ومؤسس لشركة لها في كندا واسطنبول تعنى بهذا الجانب.

إنّه الدكتور “حياة الله عتيد” الذي ولد في أفغانستان عام 1978. وعلى وَقعِ الحرب وأهوالها، فقد أباه واضطر للانتقال مع والدته وأقاربه إلى مخيمات مدينة بيشاور الباكستانية لاجئين طلبا للأمان. وصف بداية طفولته بالقول: “إنّها كانت صعبة للغاية. فقد كنت أجسِّد حال اليتيم خارج وطنه، كنت أحتاج الكثير والكثير، التعليم، والرعاية، وحتى أبسط أساسيات الحياة”.

بداية الدكتور حياة الله عتيد بالتفوّق الدراسي

وتشاء الأقدار أن تحتضنه يد قطر الخيرية بدعم من أحد الكافلين الكرام بدولة قطر. ليكون أحد مكفوليها. ليدرس في إحدى مدارس الجمعية التي أقامتها هناك، في تلك الفترة.

عن هذه الفترة حدّثنا قائلا: “لا أنسى ذلك اليوم، وقد تمّ تسجيلي في مدرسة سعد بن معاذ للأيتام في بيشاور، حيث درّسني معلمو قطر الخيرية. كنت طالبا متفوقا في المدرسة. كما كنت أقوم بترجمة ما يحتاجه ممثل قطر الخيرية إلى اللغة لإنجليزية، وأنا في الصف الخامس الابتدائي” . كان للكفالة دور كبير على حياته المستقبلية وتميّزه أكاديميا ومهنيا. وقد تحدث عن ذلك بكثير من الامتنان قائلا:” لقد كان لقطر الخيرية دور محوري في انتشالي من مرارة اليتم إلى هذا النجاح الذي حققته بفضل الله.”

ويضيف الدكتور حياة الله عتيد أنه “بمساعدتهم ومساعدة محسني قطر، تعرفتُ على أصول التربية السليمة، وليست الكفالة المالية فقط. ويمكنني القول إنني لولا قطر الخيرية لما كنت متميّزا بهذه الطريقة، ولا أعرف كيف أردّ لهم الجميل”.

الماجستير والدكتوراه

يتابع الفتى “حياة الله” تعليمه فيدرس علوم العربية والشريعة في المعهد الشرعي العالمي للمعلمين ببيشاور. ليُتمِّ حفظ القرآن الكريم، كما يحصل بعدها على الليسانس في اللغة العربية والدراسات الإسلامية، ودبلوم عال في طرق التدريس وعلم النفس التربوي بباكستان عام 2001.

ولشغفه في العلم والارتقاء في معارجه؛ فقد فرح كثيرا عندما أتيحت له منحة دراسية في جامعة أم القرى بمكة المكرمة، التي اعتبرها فرصة ذهبية. ومنها حصل على شهادة الماجستير في الأدب العربي بتقدير ممتاز عام 2005، ثم واصل مشواره إلى أن  نال درجة الدكتوراه في التنمية البشرية بتقدير ممتاز عام 2011 .

ركّز في مشواره المهني على التدريب والاستشارات في التنمية البشرية، نظرا لإيمانه بأن الإنسان مناط التنمية والركن الأهم في هذه العملية التي تحتاجها الدول العربية والإسلامية والدول النامية لكي تبني نهضتها، وتنتصر على التخلف والجهل والفقر والخلافات الداخلية التي تعاني منها.

رسالة لا تجارة

ويتوقّف عند التدريب الذي يعمل فيه منذ أكثر من عشر سنوات ـ وما يزال ـ مُبيّنا أنه يعني بالنسبة له “رسالة وليس تجارة، وضرورة وليس ترفا “. مشددا على أنه بمثابة “تعليم متواصل وتطوير لمهارات الموظفين والعاملين، ومواكبة للجديد في الأمور التي تحدث من حولنا”.

من الأعمال والأنشطة التي مارسها الدكتور عتيد ـ وما يزال يمارس بعضها ـ هي العمل مدرّبا دوليّا محترفا وممارسا معتمدا من: CGC المركز العالمي الكندي P.C.T / بكندا، وأكاديمية INTRAC الكندية للتدريب بكندا ، والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بالمملكة العربية السعودية.

كما أنه مدرب معتمد وعضو فعال في (Global Academy of Human Mind Development) في بريطانيا ومدرب معتمد وعضو في أكاديمية تحليل خط اليد بفرنسا.

كما شغل منصب وعضو في المجلس السعودي للجودة، وعضو في مجلس الأمناء لجامعة المستقبل، وعضو مجلس الأمناء بالجمعية الخيرية الأفغانية لتحفيظ القرآن الكريم، ومستشار ومدرب دولي معتمد ممارس في التنمية البشرية وتطوير الذات، والمشرف العام على دار القرآن الكريم بولاية وردك، وعضو مجلس الأمناء بالجمعية الخيرية الأفغانية لتحفيظ القرآن الكريم.

تدريب المدرّبين

ويعدّ الدكتور عتيد متخصصا في مجال تدريب المدربين. فقد نفّذ هذه الدورة لـ 40 مرة في 15 دولة، كما بلغ عدد المستفيدين من دوراته بصفة عامة 200 ألف شخص عبر العالم.

أسس الدكتور عتيد اعتبارا من عام 2016 “مؤسسة تطوير الموهبة وريادة الأعمال” وهو المشرف عليها. تعمل المؤسسة بشعارها الأخضر كجهة غير  ربحية في أفغانستان في مجالات تعليمية وتدريبية. وتتبع لها 5 مدارس نموذجية للموهوبين بمن فيهم الأيتام. إضافة “جامعة أوتيد” الخضراء.

كما تعمل المؤسسة بشعارها الأحمر في المجال الربحي من خلال التدريب والاستشارات في التنمية البشرية. وللمؤسسة فرعان الأول يغطي الأول بخدماته أوروبا وأمريكا ومقره كندا. بينما يغطّي الآخر منطقة الشرق الأوسط ومقرّه اسطنبول بتركيا.

موقف مؤثّر

اغتنم الدكتور فترة وجوده قبل نحو سنتين في قطر ليزور كلا من الشيخ عبد الله الدباغ الذي يعدّ أحد مؤسسي قطر الخيرية وأحد رواد العمل الخيري في قطر. وكذلك السيد يوسف بن أحمد الكواري الرئيس التنفيذي لقطر الخيرية، وقدّم من خلالهما شكره وامتنانه لقطر الخيرية ولكافله الكريم.

يذكر الدكتور عتيد أنه عند زيارته للشيخ الدباغ ذكّره بنفسه فلم يتذكره الشيخ نظرا لطول الأمد. فعمد الدكتور إلى تذكيره بأنشودة أنشدها له عندما كان طالبا بالمدرسة ببيشاور.

يقول الدكتور عتيد أن “فما كان من الشيخ الدباغ إلا احتضنني متأثِّرا وبكى فتأثّرت بدوري. قلت له أنني حسنة من حسناتك وحسنات قطر الخيرية ، فلولا الكفالة والمحضن التعليمي لقطر الخيرية، ربما لم أصل لما وصلت إليه الآن”.

وقد وضع الدكتور عتيد نفسه وخبراته ومؤسسة “أوتيد” في خدمة قطر الخيرية والعمل الإنساني في مجال التدريب، وكلّ ما له صلة بالأيتام.

مصدر تحفيز

يسعى د.عتيد  لخدمة أمته عموما وبلده أفغانستان خصوصا. ويركّز جهوده على الأيتام الذين يقدّم مساعدات للعشرات منهم، خاصة على مستوى الكفالات والتعليم والتدريب. ويرى أن كل يتيم يمثّل مشروع قائد أو مبدع إن توفرت الإرادة لديه، والرعاية له ممن هم حوله. ويعتبر إن اليتيم يعيش تحت رعاية الله، وشتان ما بين رعاية الله ورعاية الناس.

ويوصي الدكتور الأيتام بأن لا يجعلوا من يتمهم سببا لفشلهم. بل أن يكون مصدر تحفيز وتميز لهم. ليختم كلامه قائلا: “عيشوا كما كان آباؤكم يريدونكم أن تعيشوا، وكونوا كما كانوا يريدونكم أن تكونوا”. 

الجدير بالذكر أن قطر الخيرية تقدم خدمات الرعاية الاجتماعية بما فيها كفالة الأيتام منذ تأسيسها وقد أطلقت نهاية عام 2013 “رفقاء” كمبادرة إنسانية، تهتم بقضايا الأطفال والأيتام حول العالم

مواضيع ذات صلة

تعليقات

اترك أول تعليق