يوجد في نظامنا التعليمي اختبارات فصلية تسبق الاختبار النهائي في نهاية السنة. تخيّلوا معي أن طالباً ما كان ناجحاً في كل اختباراته الفصلية وبتفوق، هل تتوقعون أن هذا الطالب سيسقط في الاختبار النهائي؟ الجميع سيجيب: لا، لن يسقط في الاختبار النهائي. الآن لو عكسنا المثال، لو أن هذا الطالب سقط في كل اختباراته الفصلية، فهل تتوقعون أنه سينجح في الاختبار النهائي؟ الأكيد أن الاحتمال ضعيف جداً أنه ينجح في اختباره النهائي.
هل تتوقعون من يُفتتن بالنساء، أو يُفتتن بالمال، أو يُفتتن الشهرة، أو يُفتتن بالمنصب، أو كان مفتوناً في صلاته، أو صيامه، أو زكاته، أو حجه، هل يستطيع أن ينجح أمام فتنة المسيح الدجال التي هي أعظم فتنة ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة؟ هل تتوقعون ذلك؟؟ وهذا هو “قانون الفتنة” الذي تكلّم عنه الرسول الكريم عليه الصلام والسلام.
كيف ننجح في أيام الفتن والمحن التي تنزل علينا؟
كان أبو ذر الغفاري – رضي الله عنه – يمشي مع الرسول صلى الله عليه والسلم. فذكر عليه الصلاة والسلام عبارة عجيبة.
فقد جاء في مسند الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن إسحاق أخبرنا ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة أخبرني أبو تميم الجيشاني قال أخبرني أبو ذر قال كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لغير الدجال أخوفني على أمتي قالها ثلاثا قال قلت يا رسول الله ما هذا الذي غير الدجال أخوفك على أمتك قال أئمة مضلين.
فأبو ذر الغفاري استغرب عن الفتنة التي اعتبرها الرسول عليه الصلاة والسلام أشدّ من فتنة الدجال. فكان رده عليه الصلاة والسلام “أئمة مضلين” يحرّفون الدين ويصدقهم الناس ويُفتنون بهم فيسقطون والعياذ بالله.
وعن أبي وائل عن حذيفة قال ذكر الدجال عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لأنا لفتنة بعضكم أخوف عندي من فتنة الدجال ولن ينجو أحد مما قبلها إلا نجا منها وما صنعت فتنة منذ كانت الدنيا صغيرة ولا كبيرة إلا لفتنة الدجال.
أي أن الفتن التي يقوم بها بعض المسلمين لبعضهم الآخر (من فتنة النساء، والسوشل ميديا، والتلفزيون، فتنة الأفلام والمسلسلات). فيُفتتن البعض بإضاعة الصلاة، أو الصيام، أو زكاته. فبصبح الوضع غير طبيعياً جراء ما يحدث بين المسلمين من فتن. وما نجا أحد منها إلا نجا مما بعدها
وسبحان الله، رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول إن الذي ينجو من هذه الفتن الصغيرة، سوف ينجو من أكبر فتنة هي فتنة المسيح الدجال.
فرسول الله يقول أن هذه الفتن التي يتعرض لها المسلم والمسلمة في هذه الحياة فينجح، فإنه سينجح عند فتنة المسيح الدجال.
“ولكن كونوا ربانيين”
فالذي ينجح في صلاته، وصيامه، وزكاته، وحجه، وينجح في أخلاقه، وينجح في تعامله، ينجح في كلامه وفي لسانه مع الناس، لابد أن ينجح أمام المسيح الدجال.
هذا هو قانون الفتنة، الإيمان الحقيقي والطاعة الحقيقية لله عز وجل، والإخلاص له والتقوى له سبحانه، هي الضامنة لنجاحنا عند فتنة المسيح الدجال. فعند الفتن الكبرى ينجح المسلم، الملتزم، التقي، الورع. ولكن – كما قال ربنا عز وجل: (ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون) “آل عمران – 79”. فتعلمنا للكتاب ودراستنا لديننا ضامن لنا لكي ننجح ونكون ربانيين. عندما يكون الإنسان ربانياً، لا يمكن أن تغرّه أو تخدعه أي فتنة حاصلة في الدنيا صغيرة كانت أم كبيرة.
فاللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.
برنامج “قانون نبي” الموسم الثاني