تعددت أوجه الصدقات التي يدوم أجرها ويعم نفعها وتكثر الحاجة لها. وقد جمعنا لكم ما تيسر من أفكار لمشاريع ونماذج معاصرة للصدقة الجارية الثواب بإذن الله. إلا أننا ننبه أن أبواب الصدقة الجارية ليست حكراً على ما نقترحه من أفكار، إنما هي حصر اجتهدنا فيه، رغبة أن نيسر الخير لكل من سأل عن أبواب الخير، من خلال سبعة أبواب واسعة.
ستتعرف عبر هذ المقال على:
1- المساجد ومراكز تحفيظ القرآن الكريم
شكلت المساجد على مر التاريخ معلماً من معالم المجتمع المسلم وزينة عمرانه، تُعطَر بها أسماع الخلائق بنداء الصلاة خمس مراتٍ في اليوم. يقول تعالى: “فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّـهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ” (النور – 36). فهي حصن المؤمنين ومحراب الآمنين، ساهمت في الحفاظ على المجتمعات، ومحاربة الغلو والتطرف والجهل. فيها يعقد القران، ويجتمع أهل الحي، وتقضى المسائل، خاصة في المجتمعات النامية التي لا تتوفر فيها مرافق عامة، بل ويتحول المسجد فيها إلى مصدرٍ للمياه والنظافة.
واليوم، يضطر المسلمون في العديد من المناطق لقطع مسافات طويلة لأداء الفرائض، خاصة في الأماكن النائية. ومما لا شك فيه أن من أعظم مجالات الصدقة الجارية أجراً ومثوبة هي المساجد، حتى وإن كانت مقدرة الفرد تعجز عن التكفل ببناء مسجد كامل، فلا يحرم نقسه الأجر الدائم، لو بنى موطئ سجدة واحدة.. تشهد له يوم القيامة.
ليكن لك نصيب من هذا الخير، يمكنك التبرع لصالح مشاريع المساجد ومراكز التحفيظ ومنها:
- بناء وصيانة المساجد وملحقاتها
- تأثيث المسجد وتوفير أجهزة الإضاءة والفرش والتدفئة والتبريد والأثاث الداخلي
- توفير مرافق مياه للمسجد (بئر ومتوضأ وحمامات)
- إعاشة الإمام والمؤذن والمحفظ.
2-المشاريع التعليمية
تعاني الكثير من المجتمعات حول العالم من انتشار الأمية والجهل بين أفرادها. حيث تجاوز تعداد الأمية المنتشرة بين الشباب في العالم 120 مليوناً بسبب الفقر. وليس أخطر على المجتمعات من جهل يبقيها في مصيدة الفقر والمرض والتطرف. ويفتح التعليم فرصاً جديدة للمجتمعات، تواجه به الفقر، وتحمي به مستقبلها، ويفتح لها أبواب الأمل، وينتشل الفئات الضعيفة والمهمشة من الفاقة والعزلة والعوز.
ومن أمثلة المشاريع التعليمية التي تعد صدقات يدوم أجرها:
- بناء المدارس والجامعات ورياض الأطفال
- تطوير التطبيقات العلمية والدعوية والنافعة
- طباعة المصاحف، والمصاحف المقروءة آلياً ومصاحف برايل للمكفوفين
- إنتاج برامج الفيديو التوعوية
- بناء الخلوات ودور تحفيظ القرآن
3- الأمن الغذائي والمائي
توفير الغذاء اللازم والتصدي للجوع والعطش من التحديات التي تواجهها المجتمعات التي تتعرض للأزمات الناجمة عن النزاعات أو الكوارث الطبيعية. حيث عرف معدل الجوع في العالم ارتفاعاً حاداً في عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع على مدى السنوات الماضية خصوصاً مع بقاء أزمات إنسانية طويلة الأمد دون حل، وتأثيرها المباشر على الملايين من الناس.
ومن أمثلة المشاريع الحديثة التي تندرج تحت هذا البند:
حفر الآبار ومد أنابيب الماء النقي، إنشاء المزارع المثمرة التي تمنح ثمارها للفقراء والمساكين، وتمكين الأسر الفقيرة عبر منح قوارب ووسائل الصيد، تمليك الأنعام والدواجن المنتجة (بقرة حلوب، أغنام، دجاج …)، تمليك أجهزة الإنتاج الزراعي ووسائلها (جرار زراعي، مخازن العلف والحبوب، الصوبات الزراعية والبيوت الدفيئة)، تمليك مناحل العسل، توفير التقاوي ومدخلات الإنتاج الزراعي، بناء المخابز المجانية، توفير سقيا ماء السبيل وبرّادات الماء.
4- مشاريع الصدقة الجارية في الصحة والسلامة
لا تزال صحة الأفراد في المجتمعات الفقيرة أحد التحديات العالمية، بالرغم من الكثير من المبادرات والبرامج الدولية التي يتم تنفيذها للحد من الأمراض السارية والمعدية. وتقف الكثير من الدول عاجزة عن توفير ظروف صحية لائقة لشرائح واسعة من مجتمعاتها، بسبب الفقر وانعدام الأمن.
وحتى تكون لك صدقة يدوم أجرها في المجال الصحي، يمكنك بناء المستوصفات والمراكز الصحية، شراء الأجهزة الطبية التشخيصية والعلاجية، شراء وتجهيز وتشغيل المشافي المتنقلة، شراء سيارات الإسعاف، توفير الأجهزة التعويضية والوسائل المعينة على الحركة والرؤية والسمع (مقاعد، نظارات، سماعات)، بناء بيوت للمحتاجين والمهجرين وحمايتهم من التشرد والبرد والحر والتفرق وإضاءة الشوارع والمنازل بالطاقة الشمسية.
5- التنمية الاقتصادية
تحقيق التنمية الاقتصادية التي تضمن كرامة الأفراد، هي حلم كل المجتمعات. لكن تحديات قلة الموارد أو النزاعات وانعدام الاستقرار تشكل عقبة في تحقيق هذا الحلم. ويمثل إطلاق مشاريع خيرية بهدف دعم الأسر المنتجة في الدول الفقيرة، أحد أفضل الحلول للوصول إلى تحقيق التنمية الاقتصادية وصيانة كرامة الإنسان، من خلال بناء المراكز المهنية لتأهيل الفقراء وتشغيلها، كفالة المعلمين الحرفيين وطلاب المهن، تمليك وسائل الإنتاج (ماكينة خياطة، أدوات المخارط والحدادة، أدوات مهنية، خلايا نحل العسل، أدوات الحراثة)، توفير وتجهيز محل تجاري أو بسطة شعبية أو بقالة أو كشك، تمليك وسائل النقل بالأجرة مثل التكتك والتاكسي والميني باص، أو الثيران والخيول والحمير والبغال، أو أي مشروع صغير مدر للدخل، يحفظ الكرامة، ويحقق الاكتفاء الذاتي.
وفي قطر الخيرية، تعد هذه المشاريع من أهم التدخلات التي تحقق الاستقرار والتنمية، وتدعم الاعتماد على النفس، وتحد من الاتكاء الدائم على تلقي المساعدات. فلئن يحمل أحدهم فأسه ليحتطب ويبيع، خيرٌ له من أن يسأل الناس، فيعطيه هذا ويصده ذاك.
6- الوقف
الوقف هو مال تبرع به صاحبه وأوقفه صدقة يدوم أجرها ليتم الانتفاع به في أعمال الخير لصالح الفقراء والمساكين. حيث يحتل مكانة مهمة في الإسلام، نظراً لدوره في تنمية المجتمع والمحافظة على تماسكه. فهو يعكس مدى التكاتف والتآزر داخل المجتمع أفراداً ومؤسسات في مجالات شتى كالصحة والتعليم، ويكفل ريعاً مستمراً يضمن استدامة مالية للإنفاق على المصارف الوقفية المختلفة، وبحسب نوع الوقف. ويمكن وقف طابق واحد في برج أو عمارة، أو شقة واحدة، أو التبرع بريع جزء من عقار، وليس بالضرورة وقف العقار كله. وقد ترك الصحابة رضوان الله عليهم أوقافاً لازال خيرها إلى يومنا هذا في مكة والمدينة… فيالها من تجارة رابحة، وخير يمتد أثره، ويعم نفعه الأجيال.
7- صدقة يدوم أجرها عن المتوفين
أجاز الإسلام الصدقة عن الميت لصالح المشاريع الخيرية، ليكون في ثواب المتوفين، ومما جاء في ذلك حديث ابن عباسٍ رضي اللهُ عنهما أنَّ سعد بن عُبَادَةَ رضي اللهُ عنه تُوفيَتْ أمُّهُ وهو غائبٌ عنها، فقال: يا رسول الله، إِنَّ أمِّي تُوُفِّيَتْ وأنا غَائِبٌ عنها، أيَنفَعُها شيءٌ إِن تَصدَّقتُ بِه عنها؟ قال): نَعَمْ (، قال: فَإِنِّي أُشْهِدُكَ أنَّ حَائِطِيَ المِخْرَافَ صَدَقَةٌ عَلَيْهَا. رواه البخاري في صحيحه.
كما أن هناك أفكاراً عملية للصدقة الجارية عنهم من خلال أغراضهم الشخصية، حيث يمكن التبرع بمقتنيات الميت (مثل سريره، وملابسه، وكتبه، ونظارته، مقعده المتحرك، سيارته ).