الأطفال هم الفئة الأكثر عرضة للخطر في المجتمع؛ حيث يعاني الكثير من صغار السن ذكوراً وإناثاً لحالات من الإساءة والعنف والاعتداءات المادية والمعنوية، قد يكون ذلك بسبب أوضاع خاصة متعلقة بالطفل، مثل جنسيته ولونه وشكله وعرقه ودينه، أو لأسباب تتعلق بانتشار ظواهر العنف في المجتمع لدى البالغين، وربما كانت الحروب والكوارث الطبيعية هي البيئة الأخطر والأكثر قدرة على تدمير حياة الطفل وحرمانه من التمتع بحقوقه وحرياته الطبيعية والمتفق عليها في المواثيق والمعاهدات والإعلانات والعهود العالمية.
جدول المحتويات
وغني عن البيان، فإن الكوارث والأزمات تؤثر على الأسر والعوائل كبنى اجتماعية وتعرضها للكثير من الضغوطات والأعباء، مما قد يؤدي ببعضها من التحول إلى مصدر تهديد للطفل بدلاً من حمايته لتفريغ تلك الضغوط، وعادة ما تكون المخاطر المحتملة للعنف الأسري الأسوأ في انتهاكات حماية الطفل، وقد تشمل الممارسات الأخرى الزواج المبكر وعمالة الأطفال وسوء المعاملة والإهمال وغيرها من الممارسات الضارة[1]. وعموماً يصعب تحديد تلك الممارسات ومعرفتها بسهولة، كما يصعب متابعتها ورصدها باستمرار، إلا أن المعيار الأساسي في هذه الحالات يكمن في ضرورة تمتع الأطفال بالحماية من العنف الجسدي وغيره من الممارسات الضارة، ولذلك يجب توفير العديد من الاستجابات المناسبة للعمر والنوع والحالة لكل طفل[2].
يمكن لتجارب الأطفال والتعرض للكوارث والأحداث السلبية الأخرى أن تزرع البذور للتغييرات الجسدية والمعرفية والعاطفية بعيدة المدى التي قد لا تكشف عن أنفسهم تمامًا لعقود[3]. على الصعيد الاجتماعي، يندرج الأطفال في عدد من شبكات رعاية العلاقات – داخل العائلات ومجموعات الأقران والمدارس والعديد من المنظمات والمؤسسات الأخرى في حياتهم – والتي قد تخفف من آثار الكوارث أو تفاقمها.
كيف نحمي الأطفال والأيتام أثناء الكوارث والأزمات؟
- إن إحدى أفضل الطرق لحماية الأطفال أثناء حالات الطوارئ هي بناء “ثقافة الحد من المخاطر” قبل وقوع الكوارث. ومثالاً على فقد نفذ مكتب التأهب للكوارث وإدارة الطوارئ في جامايكا العديد من البرامج لتوعية الأطفال في المدارس حول المخاطر المحلية والطرق التي يمكنهم من خلالها تقليل المخاطر التي يواجهونها. وتلتزم جامايكا أيضًا على المستوى الوطني بدمج حقوق الأطفال في جميع أنشطة الاستجابة للكوارث، وقد قامت بوضع مجموعة شاملة من المبادئ التوجيهية لضمان تلبية احتياجات الأطفال في حالات ما بعد الكوارث[4].
- إعداد العائلات والمشرفين ومقدمي الرعاية وجميع من يعمل مع الأطفال والأيتام بشكل ملائم وعبر برامج تأهيلية مكثفة.
- تعزيز المرونة لدى الأطفال والأيتام على البقاء والتكيف والتعافي من الفقدان والاضطراب.
- توفير مساحات آمنة وبرامج ترفيهية وجلسات دعم وتفريغ نفسي.
تنمية قدرات الأطفال وإشراكهم في إدارة الكوارث والأزمات
في مرحلة الاستعداد للكوارث والأزمات يجب التشاور مع الأطفال وذويهم من البالغين، والإلمام بوجهة النظر الخاصة للمجتمع ومفاهيمه عن العنف والإيذاء الجسدي، بما في ذلك العنف المنزلي والعقاب البدني كما يراه المجتمع، يتبع ذلك رسم خريطة للممارسات الضارة التي قد تزداد أثناء حالات الكوارث، بما في ذلك الآليات التي يعمل بها المجتمع عرفيا في الاستجابة للمخاطر، كما يجب الاعتماد على كوادر متخصصة لتطبيق الحماية القانونية للأطفال في مختلف المجالات والقطاعات، وتدريب المعلمين وأولياء الأمور والأعضاء الرئيسيين في المجتمع من قادة وخبراء للتعامل مع الحالات المختلفة. وخلال الاستجابة يجب العمل على أربعة محاور أساسية تشمل استمرار التوعية والتثقيف بعواقب سوء المعاملة، وإنشاء أنظمة للرصد والإبلاغ، ودعم إنشاء المساحات الآمنة للأطفال، والتأكد من كفاءة جميع العاملين مع الأطفال والأيتام[5]
أولاً: الاستعداد للكوارث
يستفيد العديد من الأطفال والشباب في المدارس الابتدائية والثانوية حول العالم من المناهج الرسمية وغير الرسمية التي تعالج الاستعداد للكوارث والوقاية منها. وتبدو هذه الدروس أكثر فاعلية عندما ينخرط الأطفال والأيتام في عمل محاكاة للاستعداد للكوارث[6].
الإجراءات في مرحلة الاستعداد للكوارث، وتشمل
- تدريبات الكوارث؛
- رسم خرائط المخاطر؛
- تخطيط الإخلاء؛
- التدريب على البحث والإنقاذ؛
- الإبلاغ عن المخاطر؛
- تعليم المخاطر الرسمية وغير الرسمية.
ثانياً: الاستجابة للكوارث
الأطفال يفهمون ويستطيعون الاستجابة بشكل بنّاء من خلال التواصل الفعال بشأن المخاطر التي قد يواجهونها. كما أن التحدث مع الأطفال حول الكارثة وتوعيتهم بأنواعها ومسبباتها وطرق الإخلاء واستراتيجيات الحماية يساعد في تقليل المخاطر الجسدية المتوقعة، بالإضافة إلى ضرورة شرح امكانية تعرض أحد أفراد العائلة للإصابات وإمكانية نقله إلى المستشفى لتلقي المساعدة يساعد على تهيئة الأطفال عاطفياً بإمكانية ابتعاد أحد أفراد العائلة عن محيطهم لفترة معينة وبالتالي تجنب الصدمة والتأثير النفسي عليهم[7].
الإجراءات في مرحلة الاستجابة:
- تحذير الآخرين؛
- الإبلاغ عن المخاطر؛
- ترجمة مواد الكوارث؛
- المساعدة على الإخلاء؛
- الحماية الجسدية؛
- البحث والإنقاذ.
ثالثاً: التعافي من الكوارث
في أعقاب الكوارث يمكن أن يشارك الأطفال في مبادرات مختلفة تهدف إلى تعزيز تعافيهم وتعافي من حولهم. وقد وثقت بعض الدراسات العديد من استراتيجيات التكيف الفعالة بين الأطفال الناجين من الكوارث مثل الكتابة والرسم حول الأحداث، والتقاط الصور، والتواصل مع الأصدقاء والبالغين الداعمين، وإنشاء نكات وألعاب حول الكوارث.
الإجراءات في مرحلة التعافي
- استراتيجيات التأقلم الفعالة: الكتابة والرسم والتقاط الصور؛
- استشارات الأقران؛
- جمع / توزيع المساعدات؛
- جهود التخطيط وإعادة البناء؛
- رعاية الأطفال الآخرين؛
- المساعدة في الأعمال المنزلية.
المراجع
[1] Margolin, G., & Gordis, E. B. (2000). The effects of family and community violence on children. Annual review of psychology, 51(1), 445-479.
[2] Child Protection Working Group. (2012). Minimum standards for child protection in humanitarian action. Geneva, Switzerland: Author.
[3] Peek, Lori, David M. Abramson, Robin S. Cox, Alice Fothergill, and Jennifer Tobin. “Children and disasters.” In Handbook of disaster research, pp. 243-262. Springer, Cham, 2018.
[4] Ibid.
[5] الأونروا (2016). إطار عمل حماية الطفل في الأونروا
[6] Ronoh, Steve, J. C. Gaillard, and Jay Marlowe. “Children with disabilities and disaster risk reduction: A review.” International Journal of Disaster Risk Science 6, no. 1 (2015): 38-48.
[7] Peek, Lori. “Children and disasters: Understanding vulnerability, developing capacities, and promoting resilience—An introduction.” Children Youth and Environments 18, no. 1 (2008): 1-29.
المقال منشور في العدد 29 من مجلة غراس
يمكنك تحميل نسختك الآن أو الإطلاع على مقالات أخرى من المجلة