تتسارع عجلة الحياة في العديد من البلدان النامية، ورغم التقدم الذي يحدث في العديد من المجالات. إلا أن الوصول إلى المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي لا يزال تحديًا رئيسيًا. فهو يؤثر بشكل مباشر على الصحة ويسهم في دورة الفقر. فأكثر من 40٪ من سكان العالم لا يحصلون على ما يكفي من المياه النظيفة. بحلول عام 2025، سيعيش 1.8 مليار شخص في بلدان أو مناطق تعاني من ندرة مطلقة في المياه، وفقًا للجنة الأمم المتحدة المعنية بالموارد المائية.
جدول المحتويات
في هذا المقال، سنستعرض تأثير المياه والصرف الصحي على الصحة وكيف يمكن أن يكون التصدي لهما يعتبر ركيزة أساسية في مكافحة الفقر.
المياه النظيفة: حق أساسي للحياة
تعتبر المياه النظيفة من أساسيات الحياة، وهي مفتاح الصحة والنمو الاقتصادي. في البلدان النامية، يعيش العديد من الأشخاص في ظروف تفتقر إلى إمكانية الوصول إلى مياه نظيفة. مما يعرضهم للأمراض المنقولة عبر المياه مثل الكوليرا والديدان الطفيلية. تأثير هذه الأمراض يكون مدمرًا على الصحة، خاصةً بين الأطفال الذين يكونون أكثر عرضة للإصابة.
إيجاد حلول لتوفير مياه نظيفة يتطلب جهوداً مشتركة، سواء من الحكومات المحلية أو المنظمات الدولية. يمكن تحقيق ذلك من خلال بناء بنية تحتية قوية لتوزيع المياه وتحسين جودة المياه المتاحة. كما يجب تشجيع التوعية المجتمعية حول أهمية استخدام المياه بشكل فعال وترشيد استهلاكها.
الصرف الصحي: منع طرق انتشار الأمراض
إلى جانب المياه النظيفة، يلعب نظام فعال للصرف الصحي دوراً هاماً في الحفاظ على الصحة العامة. في العديد من المجتمعات النامية، يعيش الناس في ظروف تفتقر إلى خدمات الصرف الصحي اللائقة. مما يؤدي إلى تفشي الأمراض وتدهور البيئة.
بناء نظام صرف صحي فعال يشمل جمع ومعالجة النفايات بشكل صحيح، مما يقلل من انتشار الأمراض المعدية. تحسين الصرف الصحي يساهم أيضا في الحفاظ على الموارد المائية والبيئة بشكل عام.
تحديات ترتبط بالمياه وخدمات الصرف الصحي
تؤثر على الصحة وتسهم في استمرار دورة الفقر. بعض هذه التحديات تشمل:
نقص الوصول إلى المياه النظيفة
تعتبر المياه النظيفة سلعة نادرة في الكثير من المناطق. حيث يعاني الكثير من السكان من صعوبة في الحصول على مياه نقية وآمنة للشرب والاستخدام اليومي. البعض يضطر للتوجه لمصادر مياه ملوثة، مما يتسبب في انتشار الأمراض المائية.
صعوبات البنية التحتية
تشير التقديرات إلى أن 668 مليون شخص على مستوى العالم يفتقرون إلى إمكانية الوصول إلى إمدادات المياه المحسنة. وما زال 2.4 مليار شخص يعيشون دون إمكانية الوصول إلى الصرف الصحي المحسن.
نقص التمويل والبنية التحتية الضعيفة يجعل من الصعب توفير البنى التحتية الضرورية. العديد من المناطق تفتقر لشبكات فعّالة وسليمة.
الأمراض المنقولة عبر المياه
نقص المياه النظيفة يزيد من انتشار الأمراض التي تنتقل عبر المياه مثل الكوليرا والديدان الطفيلية. مما تؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة، خاصة بين الأطفال والشباب.
تلوث المياه
تلوث المياه من مصادر مختلفة مثل الصناعات غير النظيفة ونقص معالجة المخلّفات يجعل المياه غير صالحة للاستخدام البشري والزراعي. مما يزيد من الصعوبات الصحية والاقتصادية.
التأثير الصحي على النساء
يؤثر نقص المياه النظيفة والصرف الصحي والنظافة الصحية بشكل غير متناسب على النساء والفتيات. ويعد توفير ذلك أمرا ضروريا لسلامتهن، فضلا عن كرامتهن الإنسانية. والممارسات التي لا تراعي ظروفهن بسبب عدم توفر المياه النظيفة ومرافق الصرف تعرضهن لخطر الإصابة بالعدوى.
واقع تدني خدمات المياه والصرف الصحي على الأطفال في البلدان الفقيرة
يعاني ملايين الأطفال في البلدان الفقيرة من عدم القدرة على الوصول خدمات المياه والصرف الصحي. وفي المناطق التي تندر فيها المياه، يضطر الأطفال إلى الاعتماد على مصادر ملوثة للمياه مثل البرك الراكدة، أو الأنهار القذرة، أو الآبار غير الآمنة.
يؤدي الاعتماد على تلك المصادر المياه الملوثة إلى الإصابة بالعديد من الأمراض المنقولة بالمياه، بما في ذلك الكوليرا والتيفوئيد والدوسنتاريا. بل يتسبب في ارتفاع معدلات الوفيات بين الأطفال.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن الأمراض المتكررة الناجمة عن الأمراض المنقولة بالمياه تعيق النمو البدني للأطفال. مما يجعلهم عرضة لسوء التغذية والتقزم.
التغير المناخي والجفاف
التغيرات المناخية تؤثر على توافر المياه، حيث يزيد الجفاف من صعوبة الحصول على المياه النظيفة والموارد المائية. هذا يزيد الضغط على البلدان النامية التي تعتمد بشكل كبير على المياه السطحية والمياه الجوفية.
النمو السكاني
زيادة السكان تضع ضغطًا متزايدًا على الموارد المائية المحلية. إذ تصعب معها تلبية احتياجات السكان فيما يتعلق بالمياه النظيفة والصرف الصحي.
الفقر والتخلف الاقتصادي
الفقر يزيد من صعوبة توفير البنية التحتية اللازمة للمياه النظيفة والصرف الصحي. البنية التحتية الضعيفة تزيد من فقر المياه وتجعل الوصول إلى الخدمات المتصلة بها أكثر تحديًا للفئات الضعيفة.
نقص الوعي والتثقيف
نقص التوعية حول أهمية استخدام المياه النظيفة والصرف الصحي السليم يعوق التغيير في السلوكيات اليومية، ويزيد من مشاكل تأمينها بطريقة صحيحة.
الصراعات والنزاعات
الصراعات والنزاعات المستمرة في بعض المناطق يمكن أن تؤثر على الوصول إلى المياه والصرف الصحي بشكل كبير. حيث تتعرض البنية التحتية للتدمير والتشتت.
نقص الكفاءة والخبرة
إدارة غير فعّالة للموارد المائية والبنى التحتية الضعيفة تؤدي إلى فقدان المياه وعدم استخدامها بكفاءة. مما يزيد من التحديات التي تواجه توفير المياه النظيفة.
مياه نظيفة وصرف صحي فعّال: ركيزتان لصحة قوية ومكافحة الفقر في البلدان النامية
تشير دراسات الآثار الإيجابية لتحسين إمدادات المياه على سبل العيش في المناطق الريفية والفقيرة. من حيث توفير الوقت، وزيادة الإنتاجية، وتحسين الأداء المدرسي، وانخفاض الضغط على الناس خاصة النساء، إلى جانب تراجع الإنفاق على الصحة. حيث أظهرت الدراسة انخفاضا تدريجيا في الأمراض المرتبطة بالمياه بعد توفير المياه وزيادة فرص الحصول على المياه المحسنة.
تحسين خدمات المياه والصرف الصحي هو استثمار في مكافحة الفقر. من خلال توفير البنية التحتية اللازمة، يمكن أن يتحسن الوضع الصحي للسكان. مما يساهم في زيادة إنتاجية العمل وتحسين جودة الحياة.
كل ذلك يدخل ضمن الجهود المشتركة لتوفير المياه النظيفة وأنظمة فعّالة للصرف الصحي ضمن الهدف 6 من أهداف التنمية المستدامة التي أقرتها الأمم المتحدة. وتسلط الضوء على أهمية التفاعل الاجتماعي والتعاون الدولي في بناء مستقبل أفضل للجميع.
في النهاية، يكمن لتحسين توفر المياه والصرف الصحي، وتحفيز التوعية، وتطوير الحلول المستدامة. إن تحسين هذين الجانبين يساهم بشكل مباشر في تعزيز الصحة والحد من دورة الفقر. وهو خطوة حيوية نحو بناء مستقبل أكثر استدامة وإنسانية.