الأضحية: حكمها، وشروطها، وعلى من تجب

2024-05-02

الأضحية من شعائر الإسلام العظيمة، ومن أعظم القربات والطاعات، وهي ما يُذبح من بهيمة الأنعام في يوم النحر وأيام التشريق تقرباً إلى الله تعالى، وهي عبادة مشروعة بالكتاب في قوله تعالى: {فصل لربك وانحر} (الكوثر: 2)، وأما السنة فقوله عليه الصلاة والسلام: (من ذبح بعد الصلاة تم نسكه، وأصاب سنة المسلمين) رواه البخاري.



حكم الاضحية: هل الاضحية واجبة أم مستحبة؟

الأضحية هي ما يُذبح من بهيمة الأنعام في أيام الأضحى تقرباً إلى الله عز وجل، وقد اختلف الفقهاء في أحكام الأضحية، على قولين،

  • فذهب الجمهور إلى أنها سنة مؤكدة في حق القادرين وهذا هو الراجح، لقوله عليه الصلاة والسلام في حديث أم سلمة: (إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئا) رواه مسلم، فقد فوَّض- صلى الله عليه وسلم – الأضحية إلى إرادة المكلف، ولو كانت الأضحية واجبة لم يكل ذلك إلى الإرادة.

ثم إنه ثبت أنه – صلى الله عليه وسلم – ضحى عمن لم يضح من أمته كما في سنن الترمذي وغيره، فأسقط بذلك الوجوب عنهم.

  • وذهب الحنفية إلى القول إنها أنها واجبة، وهو قول الأوزاعي والليث، ومذهب أبي حنيفة، وإحدى الروايتين عن أحمد. مستدلين في ذلك بحديث (على أهل كل بيت أضحية)، وحديث (من وجد سعة ولم يضحِّ فلا يقربن مصلانا) رواهما أحمد في مسنده.

لذلك على المسلم أن يحتاط على عدم ترك الأضحية مع القدرة عليها، لما فيها من تعظيم الله وذكره، ولما في ذلك من براءة الذمة.

الأضحية وشروطها: ما هي العيوب التي لا تجوز في الأضحية؟

يشترط في الأضحية:

  1. السلامة من العيوب الظاهرة التي تعد نقصا فيها، فقد روى أبو داود وغيره عن البراء بن عازب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء بين عورها، والمريضة بين مرضها، والعرجاء بين ظلعها، والكسيرة التي لا تنقي”.

قال الإمام النووي: وأجمعوا على أن العيوب الأربعة المذكورة في حديث البراء لا تجزئ التضحية بها، وكذا ما كان في معناها أو أقبح منها، كالعمى وقطع الرجل وشبيهه.

  • من شروط إجزاء الأضحية أن تكون من بهيمة الأنعام -الإبل والبقر والغنم- لقول الله تعالى: (ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) [الحج:34]
  • أن تبلغ السن المعتبرة شرعاً، لما رواه مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تذبحوا إلا مسنة، إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن” والمسنة: هي الثنية أو الثني من الإبل والبقر والغنم، فلا يجزئ من الإبل إلا ما أتم خمس سنين، ولا من البقر إلا ما أتم سنتين، ولا من المعز إلا ما أتم سنة، وأما الضأن فيجزئ منها الجذع، وهو ما أتم ستة أشهر، لما رواه أحمد وابن ماجه عن أم بلال بنت هلال عن أبيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “يجزئ الجذع من الضأن ضحية” قال الشوكاني: فإن قيل: فما الفرق بين الضأن وغيرها؟ قيل له: الفرق بينهما نص صاحب الشريعة، ولا فرق أصح منه”.
  • يبقى السؤال، ما هو الوقت المناسب لذبح، والجواب هو أن يكون الذبح في الوقت المعتد به شرعاً ، ويبتدئ من بعد صلاة العيد إن كان المضحي في موضع تُقام فيه الصلاة، وأما من لا يستطيع الصلاة لسفر ونحوه ، فوقتها قدر ما يكفي للصلاة، فمن ذبح قبل الصلاة فإنما هو لحم قدمه لأهله ، كما في حديث البراء رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي ، ثم نرجع فننحر ، فمن فعل هذا فقد أصاب سنتنا ، ومن نحر قبل الصلاة فإنما هو لحم قدمه لأهله ، ليس من النسك في شيء … ) رواه البخاري ، وفي رواية ( من ذبح قبل الصلاة فإنما ذبح لنفسه، ومن ذبح بعد الصلاة فقد تمَّ نُسُكَه وأصاب سنة المسلمين ).

ويمتد وقت الذبح على الصحيح حتى غروب شمس آخر يوم من أيام التشريق، وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة، فتكون مدة الذبح أربعة أيام، لقوله – صلى الله عليه وسلم – (كل أيام التشريق ذبح) رواه أحمد وحسنه الألباني.

ذبح الاضحية وعلى من تجب؟

  • الأضحية مشروعة للمسلم القادر عليها ما دام أن ثمن الأضحية حلال فإنه يشرع له أن يضحي.
  • من السنة لمن أراد أن يضحي – إذا دخلت عشر ذي الحجة – ألا يأخذ من شعره ولا من بشرته، ولا من أظفاره شيئاً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين: (إذا رأيتم هلال ذي الحجة، وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره)، وفي رواية: (فلا يمس من شعره وبشره شيئاً)، وفي رواية: (حتى يضحي).
  • وللمضحي أن يذبح أضحيته بنفسه إن كان يحسن الذبح، لأن الذبح قربة وعبادة، وله أن ينيب عنه غيره، فقد نحر – صلى الله عليه وسلم – بيده ثلاثاً وستين بَدَنة، واستناب علياً في نحر ما تبقى. وعليه أن يستحضر نية التقرب إلى الله بفعله، فيخرجها طيبةً بها نفسُه، وأن يتتبع في هديته وصدقته أقرب الناس إليه، وأحوجهم إلى الصدقة.
  • وينبغي أن يراعي آداب الذبح كالإحسان إلى الذبيحة وإراحتها، وأن يستقبل القبلة، وإن كانت الأضحية من الإبل فإنها تنحر قائمة معقولة يدها اليسرى، وهو معنى قوله تعالى: {فاذكروا اسم الله عليها صواف}، وإن كانت من غير الإبل فإنها تذبح مضجعة على جنبها الأيسر.
  • وتجزئ الأضحية الواحدة عن الرجل وأهل بيته وإن كثروا، لحديث أبي أيوب رضي الله عنه قال: ” كان الرجل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته فيأكلون ويطعمون ” رواه الترمذي.

احكام كيفية تقسيم وتوزيع الاضحية

يستحب للمضحي عند تقسيم وتوزيع الأضحية أن يأكل من أضحيته، ويهدي، ويتصدق، والأمر في ذلك واسع من حيث المقدار، لكن المختار عند أهل العلم أن يأكل ثلثاً، ويهدي ثلثاً، ويتصدق بثلث.

ويحرم بيع شيء من الأضحية من لحم، أو جلد، أو صوف، أو غيره لأنها مال أخرجه العبد لله تعالى، فلا يجوز الرجوع فيه كالصدقة.

ولا يعطى الجزار شيئاً منها في مقابل أجرته، لحديث عليٍّ أن النبي – صلى الله عليه وسلم – أمره ألاَّ يعطي في جزارتها شيئاً كما عند البخاري، ولأن ذلك بمعنى البيع، وأما إن أعطاه شيئاً على سبيل الصدقة أو الهدية بعد أن يعطيه أجرته فلا حرج في ذلك.

اجر وثواب الاضحية

ورد في فضلها عدة أحاديث منها ما هو صحيح ومنها ما هو ضعيف. ومن الصحيح ما روى الترمذي وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما عمل ابن آدم يوم النحر أحب إلى الله من إهراق الدم، وإنه ليؤتى يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع بالأرض، فطيبوا بها نفسا. قال الألباني في تحقيق مشكاة المصابيح: صحيح

دعاء الاضحية: ما هو دعاء الذي يقال عند الذبح في عيد الأضحى؟

التسمية والتكبير والدعاء بالقبول، ففي صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال عند ذبح ضحيته: باسم الله اللهم تقبل من محمد وآل محمد. وفي المسند وسنن أبي داود بسند صحيح أنه قال: باسم الله والله أكبر. قال النووي في شرح حديث مسلم: فيه دليل لاستحباب قول المضحي حال الذبح مع التسمية والتكبير اللهم تقبل مني. فالمشروع أن تسمي وتكبر، وأن تقول: اللهم هذا عني وعن أهل بيتي، أو: اللهم تقبل مني ومن أهلي، أو تذكر اسمك فتقول: اللهم تقبل من فلان وآل فلان.

المصدر: موقع إسلام ويب (بتصرف).

مواضيع ذات صلة

تعليقات

اترك أول تعليق