من الوقاية والتأهب إلى الانتعاش المبكر وإعادة الإعمار

عبد القادر جلال
2024-09-02

تأخذ الأزمات أشكالا وأنماطا عدّة تفتك بالإنسان والحيوان والبيئة المحيطة بهما، ابتداءً بالكوارث الطبيعية مثل الزلازل والبراكين والفيضانات، ومرورا بالأزمات والنزاعات المسلحة التي تعد الأكثر تدميراَ للمجتمعات. لذا كان لزاما ابتكار أساليب واستراتيجيات لمواجهة هذه الأزمات والكوارث والتخفيف من تأثيراتها والمحافظة على الناجين منها وضمان عيشهم بكرامة، وتعزيز القدرة على النهوض مجددا وسط أصعب التحديات، وهذا ما يُعرف اصطلاحًا بـ “إدارة الكوارث والأزمات.”



وتتطلب إدارة الأزمات والكوارث وجود خطط مسبقة قابلة للتنفيذ الفوري، وهذه الخطط ترسم الخطوط العريضة التوجيهية والإجراءات اللازمة الفورية، فتسهّل عمل المسؤولين والمختصين والعاملين في هذا المجال، وفي هذا المقال نستعرض أهم مراحل إدارة الأزمات والكوارث لضمان نجاعة أفضل وكفاءة أكبر.

دورة ومراحل

 تتألف من أربع مراحل أساسية، اثنتين قبل وقوع الكارثة أو الأزمة وهما: الوقاية والتخفيف، والاستعداد والتأهب، واثنتين قبيل أو فور أو بعد وقوع الكارثة والأزمة وأثناءها أو بعدها وهما: الاستجابة العاجلة المنقذة للحياة والانتعاش المبكر وإعادة الإعمار.

المرحلة الأولى: الوقاية والتخفيف من آثار الكوارث

الوقاية والتخفيف من المخاطر هي القدرات الضرورية والتدابير التي تهدف إلى العمل على عدم حدوث الكارثة أو منع حدوثها للحد من فقدان الأرواح والممتلكات عن طريق تقليل تأثير الكوارث. ومن أمثلة ذلك بناء سد أو مانع للتحكم في مياه الفيضان وفتح خطوط النار في منطقة عُرضة لاندلاع حرائق الغابات قبل موسم الخطر إضافة إلى تحسين السياسات البيئية والاجتماعية وزيادة الوعي العام.

التخفيف – وهي الإجراءات المتخذة (عادةً في شكل برامج محددة) للحد من تأثيرات الكوارث على المجتمع. على سبيل المثال، يمكن أن يقلل تطوير وتنفيذ أنظمة بناء من الأضرار والخسائر في حالة الزلازل والأعاصير. يشير هذا المصطلح عادةً إلى أنه على الرغم من أنه قد يكون من الممكن منع بعض تأثيرات الكوارث، إلا أن تأثيرات أخرى ستظل قائمة ويمكن تعديلها أو تقليصها إذا تم اتخاذ الإجراءات المناسبة.



المرحلة الثانية: الاستعداد والتأهب

التأهب: وفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتخفيف مخاطر الكوارث، هو “المعرفة والقدرات التي تطورها الحكومات ومنظمات الاستجابة والتعافي والمجتمعات والأفراد للتنبؤ بفعالية، والاستجابة للتأثيرات والتعافي منها بفعالية من الكوارث المحتملة أو الوشيكة أو الحالية.” في التطبيق العملي، يمكن أن يشمل التأهب أنظمة الإنذار المبكر، وتخطيط الطوارئ، وتخزين المعدات والإمدادات، وإنشاء آليات التنسيق وتدريب فرق العمل بحيث يمكن ذلك من الاستجابة بسرعة وفعالية لحالات الكوارث..

المرحلة الثالثة: الاستجابة الإنسانية العاجلة المنقذة للحياة

الاستجابة: تعرّف الاستجابة على أنها “الإجراءات التي يتم اتخاذها مباشرة قبيل أو فور أو أثناء وقوع كارثة من أجل إنقاذ الأرواح، وتقليل تأثيراتها على الصحة، وضمان السلامة العامة، وتلبية احتياجات الحياة الأساسية للأشخاص المتأثرين.” وتركز الاستجابة بشكل رئيسي على الاحتياجات الفورية والقصيرة الأمد وتُسمى أحيانًا المساعدات المنقذة للحياة في حالات الكوارث. ويجب أن تتضمن الاستجابة للكوارث تنفيذ التدابير المعدة مسبقًا والتي تعتمد على معرفة مخاطر الكوارث.



المرحلة الرابعة: الانتعاش المبكر

 الانتعاش المبكر أو إعادة الأعمار: هي العملية التي يتم بها مساعدة المجتمعات على العودة إلى مستوياتها الطبيعية بعد وقوع كارثة. ويمكن أن تكون عملية الانتعاش المبكر وإعادة الأعمار طويلة ومستمرة، تستغرق من 5 إلى 10 سنوات أو حتى أكثر. وعادةً ما يشمل الانتعاش المبكر جوانب أخرى لإعادة الإعمار والتي تمهد الطريق إلى مرحلة التنمية المستدامة والتي يمكن تعريفها بالتقدم التدريجي والتحديث للمجتمعات.

ينصب التركيز العام لنهج الانتعاش المبكر، كما حدده برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، على استعادة القدرة الوطنية والمؤسسات والمجتمعات للتعافي من نزاع مسلح أو كارثة طبيعية، والدخول في مرحلة انتقالية وإعادة البناء بطريقة أفضل.

مجلة غراس, العدد 30

المقال منشور في العدد 30 من مجلة غراس

يمكنك تحميل نسختك الآن أو الإطلاع على مقالات أخرى من المجلة

عبد القادر جلال
خبير الطوارئ والإغاثة - قطر الخيرية
يعبر المقال عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر قطر الخيرية.

مواضيع ذات صلة

تعليقات

اترك أول تعليق