النذر: حكمه وشروطه وكفارته

2024-05-16

النذر هو إلزام المسلم نفسه طاعة لا تجب عليه شرعاً، سواء كان ذلك الالتزام منجزاً؛ كأن يقول: لله علي أن أصلي ركعتين مثلاً، وهذا هو النذر المطلق أو المنجز، أو كان معلقاً بحدوث أمر؛ كأن يقول: علي لله صيام ثلاثة أيام إن شفاني من مرضي، أو لله علي أن أتصدق بدرهم أو أذبح شاة إن حصل كذا، وهذا هو النذر المعلق.



النذر في الاسلام: ما هو النذر

النذر معناه: إلزام المسلم المكلف نفسه طاعة لله تعالى لا تجب عليه شرعاً، وينعقد بكل لفظ يفيد الالتزام كقوله: نذرت لله، أو لله علي، أو على لله أو نحوها.

النذر وأنواعه

قد ذكر أهل العلم أن النذر سبعة أقسام:

  1. نذر اللجاج والغضب، الذي يخرجه مخرج اليمين للحث على فعل شيء أو المنع منه غير قاصد للنذر ولا القربة، وهذا حكمه حكم اليمين. فإذا لم يوف بنذره لزمته كفارة يمين.
  2. نذر طاعة وتبرر مثل أن يقول: لله على أن أصوم كذا من الأيام أو إن شفى الله مريضي فعلي صدقة كذا أو صوم كذا. فهذا يجب الوفاء به. لقول النبي صلى الله عليه وسلم ” من نذر أن يطيع الله فليطعه”. [رواه الجماعة إلا مسلما].
  3. النذر المبهم وهو أن يقول لله على نذر، فهذا تجب به كفارة يمين عند أكثر العلماء. لما روى الترمذي عن عقبة بن عامر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”كفارة النذر إذا لم يسم كفارة يمين” وقال هذا حديث حسن صحيح غريب.
  4. نذر المعصية، وهذا لا يحل الوفاء به إجماعا، كأن ينذر شرب خمر أو أذى مسلم، ويجب على الناذر كفارة يمين،روى هذا عن ابن مسعود وابن عباس وجابر وعمران بن حصين. وهو مذهب أبي حنيفة، لما رواه أحمد وأبو داود “لا نذر في معصية وكفارته كفارة يمين”. [صححه الألباني] .
  5. نذر المباح، كلبس الثوب وركوب الدابة، فهذا يخير فيه الناذر بين الوفاء، والترك مع الكفارة.
  6. نذر الواجب، كالصلاة المكتوبة، فلا ينعقد نذره لأن النذر التزام، ولا يصح التزام ما هو لازم له.
  7. نذر المستحيل كأن ينذر صوم أمس، فهذا لا ينعقد ولا يوجب شيئا.

وحيث قلنا بالكفارة، فهي ككفارة اليمين،لقول النبي صلى الله عليه وسلم “كفارة النذر كفارة اليمين” [رواه مسلم] . وكفارة اليمين: عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم. فمن لم يجد شيئا من ذلك صام ثلاثة أيام.

نية النذر

إذا كان المقصود من قول: نذر عليَّ أن أقوم بكذا، هو التقرب إلى الله بقربة كالصلاة والصيام والصدقة، فيلزم الوفاء به، وإن كان غير قربة كفعل مباح أو تركه فللشخص أن يختار بين الوفاء به، أو تركه مع كفارة يمين، وهي: إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن لم تجد شيئا من ذلك فعليك صيام ثلاثة أيام.

أما إن كان نذرا لغير الله تعالى فإنه يعتبر شركا ـ والعياذ بالله ـ وعليه أن يبادر بالتوبة النصوح منه، والابتعاد عنه.

أحكام النذر

الوفاء بالنذر بقسميه واجب، وترك الوفاء به محرم، إلا نذر المعصية، لقوله صلى الله عليه وسلم: “من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه” فقوله: فليطعه أمر، وهو للوجوب. وقوله: فلا يعصه. نهي وهو للتحريم.

والأولى بالمسلم أن يجتنب إلزام نفسه بما قد يعجز عنه.

كيفية النذر وشروط انعقاده

لا ينعقد النذر إلا بصيغة تدل على الالتزام كـقوله: لله عليَّ كذا أو عليَّ نذرُ كذا.. قال ابن قدامة في المغني: وصيغة النذر أن يقول: لله عليَّ أن أفعل كذا، وإن قال: عليّ نذر كذا لزمه أيضا لأنه صرح بلفظ النذر، وإن قال: إن شفاني الله فعلي صوم شهر كان نذرا.

ولكن يستحب للمسلم إذا عزم على فعل خير أو إحسان أن يبادر بتنفيذ ما عزم عليه؛ فقد قال الله تعالى: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ {المائدة:48}.

كفارة النذر

وصف الله تبارك وتعالى عباده الأبرار الذين يدخلون الجنة بصفات كانوا يتصفون بها في الدنيا، ومن أبرز هذه الصفات الوفاء بالنذر، فقال جل وعلا: (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً) [الإنسان:7].

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “من نذر أن يطيع الله تعالى فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله تعالى فلا يعصه” رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها.

لذلك وجب الوفاء بالنذر إلا إذا كان معصية، أو كان الوفاء به غير ممكن، فهذا النوع من النذر قال بعض أهل العلم: إنه لا ينعقد أصلاً، وبالتالي فلا يلزم منه شيء. وقال بعضهم: إنه منعقد، وفيه كفارة يمين، واستدلوا لذلك بما رواه مسلم في صحيحه عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “كفارة النذر كفارة اليمين”. والقول الأخير هو الراجح.

وعلى هذا، فإذا كانت على الشخص كفارة يمين إذا كان الوفاء بما نذرت غير ممكن، والكفارة هي: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإذا لم تجد، فصيام ثلاثة أيام.

حكم تأخير صيام النذر

النذر إن كان مؤقتاً فلا يجوز تأخيره عن وقته بلا عذر. فإن أخره عن وقته المحدد له -إن كان مؤقتاً بوقت- أثم ووجب عليه كفارة يمين للتأخير مع القيام بالنذر. كمن نذر أن يصوم الخميس الأول من الشهر القادم مثلاً أو نذر أن يذبح شاة للفقراء في محرم القادم فأتى عليه الوقت ولم يفعل من غير عذر وجب الوفاء والكفارة للتأخير هذا مذهب أحمد وبعض أهل العلم وأما إن كان من عذر فعليه الوفاء بالنذر فقط. وذهب مالك والشافعي إلى أن عليه القضاء فقط. والكفارات موسع في أدائها إلا أن الأولى المبادرة إلى فعلها لأنه لا يدري متى يوافيه أجله وقد قال تعالى: (فاستبقوا الخيرات) [المائدة: 38].

كفارة النذر بالمال

إن كان هذا النذر مؤقتًا بأجل، وقد حصل الناذر على بعض هذا المال عند حلول الأجل فإنه يتصدق بما قدر عليه، ويكفر عن الباقي كفارة يمين لعجزه عنه. قال الرحيباني في “مطالب أولي النهى”: كأن نذر حجات وقدر على بعضها أتى بما يطيقه من الحجات المتعددة وكفر للباقي الذي لم يطقه اهـ وإن كان هذا النذر مطلقًا عن التوقيت، فإن كان قد نوى صرفه دفعة واحدة فإنه ينتظر حتى يحصل عنده هذا المال كاملاً، وإن كان الناذر قد نوى تفريقه وقد حصل على بعضه فإنه يتصدق بما قدر عليه، وما بقي يكون في ذمته فيتصدق به متى ما قدر عليه.

قال الدسوقي في حاشيته – وهو يتكلم على من نذر بدنة فعجز عنها وعن بدلها من الغنم- قال: فلو قدر على دون السبعة من الغنم فإنه لا يلزمه إخراج شيء من ذلك كما هو ظاهر كلام المؤلف والمواق، بل يصبر لوجود الأصل أو بدله، أو بدل بدله بتمامه. وقال بعضهم: يلزمه إخراج ما هو قادر عليه ثم يكمل ما بقي عند اليسر، وهو ظاهر لأنه ليس عليه أن يأتي بها كلها في وقت واحد.

كفارة النذر بالصدقة

إذا لم يكن في الإمكان الوفاء بالنذر في الأمور المباحة كنذر الصدقة ونحوها، فإن على الشخص كفارة يمين، والكفارة هي: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإذا لم تجد، فصيام ثلاثة أيام.

كفارة النذر بالذبح

على الشخص أن يوفي بنذره بالذبح كاملا إن استطاع، فإن لم يستطع في الحال فعليه أن تنتظر حتى تتاح لك الفرصة للوفاء بنذره. فإن تبين لك أنه لن يستطيع أبداً فعليه كفارة يمين لقول النبي صلى الله عليه وسلم ” من نذر نذراً لا يطيقه فكفارته كفارة يمين ومن نذر نذراً أطاقه فليف به ” رواه النسائي وابن ماجه عن ابن عباس.

ما هي قيمة كفارة النذر؟

إذا كان الشخص لا يستطيع الوفاء بنذره فكفارته كفارة يمين. روى أبو داود في سننه وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من نذر نذراً ولم يسمه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً لم يطقه فكفارته كفارة يمين”. زاد ابن ماجه في روايته: “ومن نذر نذراً أطاقه فليف به”. وأما عن الحديث الذي ذكره السائل فنصه: “عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفارة النذر إذا لم يسمِّ كفارة يمين” [رواه بن ماجه والترمذي وصححه] وفيه دليل على أن كفارة اليمين إنما تجب فيما كان من النذور غير مسمى ـ أي غير معين فإذا عين وجب الوفاء به، كأن يقول علي نذر أن أذبح هذه النعجة للفقراء مثلاً. فيتعين عليه ذلك فإن عجز عجزاً كلياً عن الوفاء فعليه كفارة يمين

كيفية النذر للنجاح

إن كنت الشخص قد علّق نذره بالنجاح في الدراسة، كالجامعة مثلا، فلا يجب عليه الوفاء إلا إذا نجح في كل المواد، لأنه لا يقال ناجح إلا لمن نجح في كل المواد، إلا إذا نوى النجاح ولو في بعض المواد فيجب عليك الوفاء بالنذر لأنه قد تحقق ما علقت عليه النذر ونويته.

هل يجوز تأجيل النذر: عواقب وحكم تأخير الوفاء بالنذر

النذر إن كان مؤقتاً فلا يجوز تأخيره عن وقته بلا عذر. فإن أخره عن وقته المحدد له -إن كان مؤقتاً بوقت- أثم ووجب عليه كفارة يمين للتأخير مع القيام بالنذر. كمن نذر أن يصوم الخميس الأول من الشهر القادم مثلاً أو نذر أن يذبح شاة للفقراء في محرم القادم فأتى عليه الوقت ولم يفعل من غير عذر وجب الوفاء والكفارة للتأخير هذا مذهب أحمد وبعض أهل العلم وأما إن كان من عذر فعليه الوفاء بالنذر فقط. وذهب مالك والشافعي إلى أن عليه القضاء فقط. والكفارات موسع في أدائها إلا أن الأولى المبادرة إلى فعلها لأنه لا يدري متى يوافيه أجله وقد قال تعالى: ( فاستبقوا الخيرات ) [المائدة: 38].

حكم النذر للشفاء

هو من النذر المعلق بحدوث أمر؛ كأن يكون النذر للشفاء، فيقول: علي لله صيام ثلاثة أيام إن شفاني من مرضي. فهو معلق بحصول الشفاء. فإن حصل ذلك وجب الوفاء بالنذر.

المصدر: موقع إسلام ويب (بتصرف).

مواضيع ذات صلة

تعليقات

اترك أول تعليق