بكل عبارات الحزن وكلمات الوجع تسرد فائزة عبد الله تفاصيل الأيام العصيبة التي عاشتها تحت ظلال الحرب…. فائزة أم لثلاثة أبناء، كانت تعيش في جزيرة توتي، وهي جزيرة تقع عند ملتقى النيلين الأزرق والأبيض في السودان وسط مدينة الخرطوم وتتوسط المدن الثلاث المكونة للعاصمة الخرطوم بالسودان. عانت أسرتها من ظروف قاسية في ظل الحرب، حيث انقطعت عنهم المياه والكهرباء، وتحولت الحياة إلى كابوس يومي. كانت أصوات الدانات “القذائف” تهز أركان البيت، مما أوقع رعبا في نفوس أطفالها الذين كانوا يعيشون حالة من الاكتئاب والقلق كما أخبرتنا.
لم نعرف سنصل أم لا.. كانت مأساة حقيقية
بعد شهرين من العيش في ظل هذا الرعب، قررت فائزة أن الوضع لم يعد يحتمل، وأن معاناة الأطفال تتزايد يوما بعد يوم. كانت تنظر في عيونهم، فتراهم مسكونين بالقلق والخوف من المستقبل. بعد وقوع قذيفة كبيرة قرب منزلهم، كان قرار الخروج هو الخيار الوحيد المتبقي.
الطريق للوصول إلى بر الأمان كان مغلقاً، ولكن فائزة كانت مصممة على إنقاذ أطفالها. نظرت إلى البحر وأدركت أنه هو الطريق الوحيد للفرار. بدموع منهمرة وحالة من الهلع أخبرتنا بلهجتها السودانية: “كون الواحد يترك بيته وأهله حاجة صعبة شديد”. معبرة عن ألم عميق في قلبها، وهي تستعد للانطلاق في رحلة مجهولة المصير.
وبعبارات ممزوجة بالدموع واصلت حديثها لتقول: عشنا لحظات مؤلمة وأولادي يودعون الشوارع والأهل والجيران، ولا يعرفون ما إذا سيكون لهم لقاء بهم مرة أخرى أم لا. كلّ خطوة كانت تثقل كاهلهم بألم الفراق والخوف من المجهول.
تتذكر فائزة كيف فقدت الكثير من أهلها بسبب الجوع والمرض، حيث كانت الأسر تواجه انعدام الغذاء والدواء والأمان.
وبعد معاناة شديدة تمكنت فائزة أخيراً من اجتياز الحدود السودانية باتجاه أثيوبيا حيث واجهت واقعا مريرا في غابات “أولالا” الإثيوبية وسط الأدغال وصوت الرصاص
ورغم كل التحديات، قررت أن تأخذ أطفالها في رحلة إلى حياة جديدة، أملًا في الوصول إلى أرضٍ آمنة، حيث يمكنهم استعادة براءتهم ووضع حد لمعاناتهم.
رصدتها ودونتها : تماضر القاضي