كيف نجعل من رمضان فرصة عظيمة للإحسان؟

علي الرشيد
2025-03-24

الإحسان إلى الناس أمر مطلوب من المسلم على مدار العام، لكنه أوجب في رمضان شهر الجود والبذل والعطاء، فكيف يمكننا أن نستثمر أيام وليالي هذا الشهر الكريم ليكون فرصة عظيمة لتجسيد هذا السلوك الإسلامي ـ الذي حضّنا عليه الحق سبحانه ـ في واقع حياتنا؟  



معنى الإحسان وأنواعه

الإحسان لغة: ضِدُّ الإساءة، مصدر أَحْسَنَ أيجاء بفعل حَسَنٍ، والإحسان اصطلاحا: اسم عام لكل ما يمكن أن يحسن فيه المسلم، وهو نوعان:

  1. إحسان في عبادة الخالق: بأن يعبد العبد خالقه كأنَّه يراه، فإن لم يكن يراه فإنَّ الله يراه.
  2. إحسان في حقوق الخلق: وهو بذل جميع المنافع من أي نوع كان لأي مخلوق يكون.

وهناك من أهل العلم من قسم الإحسان إلى تصنيفين آخرين هما:

  1. الإحسان إلى النفس: بحملها على طاعة الله، والبعد عن المعاصي ما ظهر منها وما بطن.
  2. الإحسان للخلق: ويكون بالعطف عليهم والرحمة بهم.

المحسنون.. مكانة عظيمة وأجر كبير

لقد أمر الله سبحانه عباده بالإحسان بقوله:”وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ”، وأوجب محبته للمحسنين في آيات كثيرة، ووعدهم الجزاء والزيادة، والقرب منه – سبحانه – أي: من رحمته وفضله، وعدم ضياع أعمالهم وأجرهم كما قال سبحانه: “إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ” (سورة البقرة:195)، وقال سبحانه:” إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ” (سورة الأعراف:56)، كما أن الله تعالى أعطى على الإحسان ما لم يعط على غيره فقال تعالى: “لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ” (سورة يونس:26). لذا فإن المحسنين هم السابقون بالخيرات المتنافسون في فضائل الأعمال.

الإحسان في رمضان

وإذا كان للإحسان بصوره المتعددة شأنٌ عظيم عند الله، ومنزلة رفيعة لديه في أي وقت على مدار شهور العام، فهو في شهر رمضان أعظم ثواباً، وأكثر أجراً، وأعظم موقعاً عند المولى عزّ وجلّ. لذا فإن الشهر الكريم يعد فرصة ثمينة لتعزيز قيم الإحسان، وتشجيع المسلمين على فعل الخير والعطاء. والتقرب من الله وتقوية الصلة به.

وللمسلمين في رسولهم قدوة حسنة، كما ورد في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، حين يلقاه جبريل فلرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة “.

وفي هذا الشهر دعوة للمسلمين للإقبال على الإحسان، كما ورد الحديث الشريف الذي رواه الترمذي قال صلى الله عليه وسلم:” ينادي فيه مناد يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة”.

نماذج من الإحسان للناس في رمضان 

  • تفطير الصائمين:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا”، وتوفير ما يحتاجه لطعام الإفطار كالسلال الغذائية الرمضانية.  
  • دفع الزكاة والصدقات وزكاة الفطر: للتخفيف من معاناة المحتاجين والتوسعة على أسرهم وتحسين ظروفهم المعيشية.
  • كسوة العيد: لإدخال الفرح على قلوب الأطفال وخصوصا الأيتام والمناطق المنكوبة في يوم العيد، وقد وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل ؟!فقال صلى الله عليه وسلم: “إدخالك السرور على مؤمن أشبعت جوعته، أو كسوت عورته، أو قضيت له حاجة” (رواه الطبراني في الأوسط وحسنه الألباني)
  • التطوع والمشاركة في الأنشطة الخيرية: مثل تنظيم الموائد الرمضانية وتوزيع المساعدات الإنسانية وغيرها.  
  • كفالة الأيتام: للإسهام في تعويضهم عن دفء الأبوة بعد موت آبائهم، وتمثل الكفالات أهمية أكبر بسبب تزايد الأزمات والكوارث الطبيعية، وتعد بابا للفوز بصحية رسول الله في الجنة.
  • بناء المساجد ومراكز تحفيظ القرآن ودعم المشاريع القرآنية.
  • دعم توفير المساعدات لمناطق الكوارث والأزمات: خصوصا أن كثيرا من هذه الأزمات ممتدة، وخلفت آثار سلبية كثيرة على المناطق المتضررة والخدمات الأساسية والبنى التحتية فيها.
  • دعم تنفيذ المشاريع الخيرية التنموية: مثل بناء المدارس والمستشفيات وحفر الآبار ومشاريع التمكين الاقتصادي وغيرها والتي تسهم في تنمية المجتمعات الأشد احتياجا وإحداث أثر إيجابي في حياة سكانها. 

ومن حسن الحظ أن الجمعيات الخيرية يسّرت السبل لاستقبال الزكاة والصدقات، وفتحت الباب للتبرع ودعم المشاريع الخيرية الإنسانية والتنموية والموسمية المرتبطة بالشهر الكريم والتي تنفذ على مستوى العالم.

الإحسان.. آثار وثمار طيبة

يسهم الإحسان والعطاء بما يلي:

  • يعزز الرضا والاطمئنان النفسي لدى أصحاب الخير والعطاء، ويشعرهم بالسعادة والراحة الداخلية.    
  • تعزيز روح التكافل الاجتماعي وتقوية الروابط بين أبناء المجتمع والأمة، مصداق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحمّىّّ) ـ رواه مسلم ـ.  
  • تخفيف المعاناة الإنسانية وتحسين الظروف المعيشية للمحتاجين وإحداث أثر إيجابي في حياتهم، وتنمية المناطق ذات الحاجة والعوز.
  • تعزيز روح الخيرية وقيم المسؤولية المجتمعية التي حضّ عليها الدين الإسلامي الحنيف والعادات والشيم العربية والإنسانية الأصيلة.
علي الرشيد
إعلامي وكاتب متخصص في الشأن الإنساني والثقافي
يعبر المقال عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر قطر الخيرية.

مواضيع ذات صلة

تعليقات

اترك أول تعليق