في إحدى جبال محافظة حجّة الشامخة التي تكسوها الخضرة فتضفي عليها جمالا طبيعيا أخّاذا تقف مدرسة قرية “شماخ بيت القطيب” الأساسية في مديرية وشحة النائية كمَعلَم بارز يؤمّه أبناء القرية الوادعة كل صباح طوال الأعوام الدراسية لتشرق وجوههم البريئة بنور العلم.. هكذا كانت الحال لسنوات عديدة عندما كانت الحيوية تملأ ساحاتها، وصخب الطلبة يرتفع في أرجاء فصولها، وتضجّ الحياة في أركانها، لتكون بذلك سجلا يحفظ ذاكرة أجيال متتابعة، درست فيها وتخرّجت منها.
جدول المحتويات

تسرّب مدرسي
لكن هذه المدرسة عانت، بعد ذلك، من العزلة وكادت أن تصبح أثرا بعد عين، نتيجة هجر الطلبة لها، والسبب تهالك المدرسة بمرور السنين في غياب الصيانة والترميم، فقد تشققت جدرانها وتداعت بعض أسقفها وصارت تشكل خطرا على سلامة من يقصدها. وزاد من تفاقم هذا الوضع انقطاع رواتب المعلمين في السنوات الأخيرة بسبب الأزمة المتواصلة في اليمن، مما جعلهم يتركون مهنتهم الرئيسة للعمل في الزراعة وتربية الماشية، بحثا عن مصدر رزق، وأدى ذلك لتفاقم ظاهرة التسرب المدرسيّ للطلبة.
نشاط وأمل يتجدد
وسط هذه الظروف الصعبة؛ وانعدام أفق حلٍ لهذه المعضلة التي تهدد مستقبل أبناء القرية وأجيالها الصاعدة جاءت مبادرة قطر الخيرية كبارقة أمل، متمثلة في مشروع ترميم المدرسة بالكامل، مع توسعتها من خلال بناء غرف صفيّة إضافية، لتعيد نبض الحياة لها من جديد، وتوفر لها بيئة تعليمية آمنة ومشجّعة.
لم تكتفِ قطر الخيرية بذلك، بل قامت أيضاً بدفع حوافز للمعلّمين، مما أعاد إليهم الحماس للعودة إلى مدراسهم، كما وزّعت الحقائب المدرسية على الطلاب، مما أعطاهم دافعا قويا للحضور، ونتيجة لذلك ازدادت أعداد الطلاب العائدين للمدرسة بشكل ملحوظ، مما جعل الحيوية تدّب في أوصال المدرسة من جديد، مستعيدة أَلَقَها القديم مرة أخرى.

تصريحات مسؤولي التربية جاءت لتؤكد على النتائج الإيجابية التي تحققت، فقد أشاد المهندس هاني البنا مدير إدارة الإشراف والمتابعة بوزارة التربية والتعليم بالتصميم المعماري الذي عكس هويّة المدرسة وأعاد المبنى القديم لحالة جيدة وهيئة جذابة. مشيرا إلى أن مبادرة قطر الخيرية التعليمية وفّرت بيئة تربوية آمنة، وهو ما جعل الطلاب يشعرون باندفاع للعودة إلى الدراسة مجددا.
بدوره أوضح مدير المدرسة ناصر القطيب أن توفير الحوافز للمدرسين، أدى لرفع معنوياتهم التعليمية رغم التحديات.
بدعم أهل الخير في قطر؛ غدت قصة مدرسة شماخ بيت القطيب في تلك القرية النائية رمزًا لاستعادة الأمل والعزم على التغيير للأفضل رغم المصاعب، ومثالا حيّا على ما يمكن تحقيقه عندما تتضافر الجهود الطيبة، من أجل رسم معالم مستقبل مشرق للأجيال، وضمان حقهم في التعليم.