لا يزال الجوع يشغل حيزاً كبيراً في عالم اليوم رغم التقدم المذهل في شتى مناحي الحياة، ورغم تطور آليات صناعة الغذاء ووفرته وظاهرة انتشار السمنة كأحد سمات المجتمعات المعاصرة؛ إلا أن أعداد الجوعى في العالم تعرف ارتفاعاً يدق ناقوس الخطر. إنه رقم مفزع ينبئ عن خللٍ فادح في توزيع الثروات والغذاء، وضعف وصول الإمدادات لكثير من مناطق العالم فضلًا عن سوء الاستخدام الكمي للغذاء. فنحن ننام وبطوننا ملأى بينما يحرم الجوع ملايين آخرين النوم تضورًا.
بحسب إحصاءات الأمم المتحدة على الصعيد العالمي، يعاني اليوم (815 مليون شخص)، أي واحد من بين كل تسعة أشخاص من نقص التغذية. ويعيش غالبية الجوعى في العالم في البلدان النامية، حيث تبلغ نسبة السكان الذين يعانون من نقص التغذية نسبة 12.9%
فالأمر لا يقتصر على علاج مسببات الجوع بشكل عرضي ومؤقت، بل يتطلب البحث عن حلول مستدامة تضمن قضاءً نهائيًا على الجوع ونقص المؤون الغذائية وسوء التغذية. فليس من العدل أن يتعرض طفل من كل أربعة أطفال في العالم إلى نقص الغذاء ويمضي عمره بحثًا عن سد الرمق والقضاء على الجوع، بدل أن يحيا حياة كريمة تجعله إنسانًا قادرًا على إقامة حضارة.
ويأتي القضاء التام على الجوع وتوفير الأمن الغذائي والتغذية المحسّنة وتعزيز الزراعة المستدامة كثاني أهداف التنمية المستدامة التي تعمل بموجبها الأمم المتحدة وجميع المنظمات الإغاثية والخيرية والإنسانية بالعالم.
إن لعالمنا اليوم القرار والعزم عبر التدخل الدولي والحكومي بحزمة من الحلول الكبيرة كتأهيل المساحات الزراعية باعتبار الزراعة هي الرافد الأول لتوفير الغذاء وتعزيز سبلها بما يزيد من فرص العمل وإيجاده ويقضي على الفقر كأحد العوامل المولدة للجوع.
دور المنظمات الخيرية والإنسانية في دعم جهود المجتمعات لمكافحة الجوع
يتعين على المجتمعات كأفرادٍ وجماعات أن تبتكر أفكاراً فعالة وحلولاً يسيرة للقضاء على الجوع على مستوى الدول أو على نطاق محلي في الشوارع والمدن، عبر غرس السلوكيات القويمة في أجيالها وأبناءها عن حسن إدارة الطعام والشعور بالفقراء والجوعى والتعرف على سبل الحفاظ على تلك النعمة وترشيد استهلاكها وتوجيهها للمحتاجين.
ويظل على عاتق الجمعيات الخيرية أن تعمل وفق المنطلقات الأممية على تأطير جهود المجتمعات بهدف الحد من الجوع وتساهم بجهودها وتبرعاتها في سد الفجوات الغذائية في المناطق النائية بالعالم وفي توفير مشروعات للأسر الفقيرة تضمن لهم الحصول على دخل قار بما يمكنهم من شراء الغذاء اللازم. فدور الجمعيات الخيرية وتبرعاتها لا يقل عن دور الحكومات ولا الهيئات العليا بالدول.