الأضحية: حكمها والشروط الواجب توفرها

2020-06-16

الأضحية هي ما يُذبح من بهيمة الأنعام في أيام الأضحى تقرباً إلى الله عز وجل. وهي سنّة المسلمين. إذ لا يزالون يفعلونها ويعتنون بالقيام بها. كما أنها من الأفعال التي داوم النبي عليه الصلاة والسلام على القيام بها منذُ شُرعت. فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (أقام النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة عشر سنين يضحي) أخرجه أحمد والترمذي، وسنده حسن.

وقد اختلف العلماء في حكمها على قولين. حيث قال الأول أنها سنة مؤكدة، وهذا قول الجمهور. والثاني: أنها واجبة، وهو قول الأوزاعي والليث، ومذهب أبي حنيفة، وإحدى الروايتين عن أحمد.

دليل الأضحية من السنة

ورد في السُّنة النّبوية في فضل الأضحية أحاديث كثيرة. تبيّن أحكامها، وفضلها والعيوب التي لا تجزئ معها، والوقت الذي تجزئ فيه، وما يؤكل من لحومها وما يدخر، وكيفية ذبحها.

ومما صحّ من أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام، ما رواه الترمذي وصححه الألباني. فعن عائشة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم قال: (ما عمل آدمي من عمل يوم النّحر أحبُّ إلى الله من إهراق الدّم، إنّها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها، وأن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع من الأرض، فطيبوا بها نفسا).

كما روى البخاري عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: (من ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه وأصاب سنة المسلمين).

الأضحية وثوابها

ما حكم الأضحية؟ اختلف العلماء في حكمها. فذهب الجمهور إلى أنها سنة مؤكدة وذهب الحنفية إلى أنها واجبة.

واستدل الجمهور بأن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى عن أمته. وبقوله ” ثلاث هن علي فرائض ولكم تطوع: النحر والوتر وركعتا الضحى” أخرجه الحاكم. وبما صحّ أيضاً عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أنهما كانا لا يضحيان مخافة أن يظن أن الأضحية واجبة.

شروط الأضحية في الإسلام : عمرها وسلامتها من العيوب

لقد وضعت السنة النبوية الضوابط والشروط الواجب توفرها في أضحية عيد وهي:

  • أن تكون أضحية العيد من بهيمة الأنعام -الإبل والبقر والغنم- لقول الله تعالى: (ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) [الحج:34]
  • أن تكون سليمة من العيوب الظاهرة التي تعد نقصا فيها. فقد روى أبو داود وغيره عن البراء بن عازب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء بيّن عورها، والمريضة بيّن مرضها، والعرجاء بيَن ظلعها، والكسيرة التي لا تنقي”.
  • أن تبلغ الأضحية السن المعتبرة شرعاً. لما رواه مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تذبحوا إلا مسنة، إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن”. والمسنة: هي الثنية أو الثني من الإبل والبقر والغنم. إذ لا يجزئ من الإبل إلا ما أتم خمس سنين، ولا من البقر إلا ما أتم سنتين، ولا من المعز إلا ما أتم سنة. أما الضأن فيجزئ منها الجذع، وهو ما أتم ستة أشهر.

كما أن هنالك عيوباً أخرى مثل: كسر القرن، أو قطع الأذن، وغيرها مختلف في وجوب السلامة منها.

شروط المضحي: على من تجب الأضحية؟

يسنّ للمسلم العاقل إذا نوى أن يضحي أن يكف عن الأخذ من شعره وأظافره إذا هلَّ هلال ذي الحجة حتى يذبحا أُضحيته. حيث جاء في صحيح مسلم عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظافره. وفي رواية: فلا يأخذن شعراً ولا يقلمنَّ ظفراً.

والحكمة في ذلك، كما قال العلماء، حتى تعتق جميع أجزاء الجسد من النار. ومحل الكراهة ما لم تدع الحاجة إلى ذلك، فإذا دعت الحاجة إلى أخذ شيء من الأظافر والشعر انتفت الكراهة.

ما حكم الذي لا يضحي؟

بالرغم من تصريح الكثيرين بعدم الوجوب، إلا أنهم قالوا بكراهة تركها للقادر مع قدرته عليها، فقد فاته أجر عظيم وثواب كبير.

وعلى كل، فإن وجوب الأضحية لا يدعو للتساهل في فعلها. فهي قربة وعبادة وثواب فاعلها عظيم. لما فيها من معاني التوحيد والتقوى، وبذل المال على وجه التعبد، والتوسعة على النفس والعيال، والتصدق على الفقراء.

كيفية الذبح

وردت الأحاديث في بعض السنن التي ينبغي مراعاتها في ذبح الأضحية كالتسمية والتكبير، وحَدِّ السكين وغيرها.

  • فمما أخرجه البخاري ومسلم عن أنس قال: (ضحى النبي بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده، وسَمَّى وكَبَّرَ، ووضع رجله على صِفَاحِهِمَا).

فمن المسحب التكبير بعد التسمية كما في حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله غير أنه قال: (ويقول: باسم الله والله أكبر) رواه مسلم.

  • أن يدعو المضحي الله بالقبول. لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عائشة رضي الله عنها وفيه: (اَللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمِنْ أُمّةِ مُحَمَّدٍ) رواه مسلم.
  • يسن أن يحد السكين حتى يريح الذبيحة. كما في صحيح مسلم عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: (يا عائشة هلمي المُدْية “السكين”، ثم قال: اشحذيها بحجر). ففعلت ثم أخذها وأخذ الكبش فأضجعه، ثم ذبحه، ثم قال: (باسم الله، اللهم تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد)، ثم ضحى به.

فإن كانت الأضحية بدنة نحرها قائمة كما في صحيح مسلم عن ابن عمر: أنه أتى على رجل وهو ينحر بدنته باركة. فقال: ابعثها قياما مقيدة سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم.

وقت الأضحية

حددت السنة المطهرة الوقت المجزئ فيه ذبح الأضحية. ويبدأ من بعد صلاة العيد ويستمر إلى آخر أيام التشريق.

فالراجح من أقوال أهل العلم أن وقت الذبح الأضحية يبدأ من بعد صلاة العيد يوم النحر إلى غروب الشمس من آخر يوم من أيام التشريق. وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة. لما رواه أحمد والدارقطني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: كل أيام التشريق ذبح.

فتكون أيام الذبح أربعة: يوم العيد بعد الصلاة. وثلاثة أيام بعده وهي أيام التشريق. فمن ذبح قبل الصلاة، أو بعد غروب الشمس يوم الثالث عشر لم تصح أضحيته.

فقد جاء في صحيح البخاري عن جندب بن سفيان البجلي قال: ضحينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أضحية ذات يوم فإذا أناس قد ذبحوا ضحاياهم قبل الصلاة فلما انصرف رآهم النبي صلى الله عليه وسلم أنهم قد ذبحوا قبل الصلاة فقال: (من ذبح قبل الصلاة فليذبح مكانها أخرى ومن كان لم يذبح حتى صلينا فليذبح على اسم الله).

أما عن أيام التشريق فقد قال ابن القيم: وروي من وجهين مختلفين يشد أحدهما الآخر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كل منى منحر، وكل أيام التشريق ذبح).

وقد اختلف العلماء حولها. فمنهم من قال أنها ثلاثة أيام بعد العيد منهم الإمام الشافعي. ومنهم من قال بيومين فقط وهو مذهب الأئمة الثلاثة.

مواضيع ذات صلة

تعليقات

اترك أول تعليق