حرص ديننا الحنيف على إرشادنا إلى أعمال الخير الكثيرة وحثّنا على الاستزادة منها لحصد المزيد من الأجر والثواب. لكن في الوقت ذاته نبهنا إلى ضرورة سد منافذ الشيطان التي قد تتسبب في ضياع جهدنا سدى. لذلك وردت الكثير من النصوص في الترغيب على الأعمال التي تكون بين العبد وربه، مثل قيام الليل وصدقة السر. وفي هذا المقال سنعرض بعض فضائل إخفاء الصدقة وعن المفاضلة بينها وبين الصدقة العلانية. يقول الله تعالى: إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ {البقرة: 271}.
ستتعرف في مقال “صدقة السر” على:
صدقة السر تطفئ غضب الرب وتقي مصارع السوء
الأصل أن الأعمال الصالحة كلها خير، سواء كانت في السر أو العلانية تطفئي غضب الرب وتصنع المعروف بفاعلها وتحفظه بإذن الله. من ذلك الصدقة، وبر الوالدين، وصلة الرحم، وإغاثة الملهوف، والإحسان إلى الناس.
فقد روى الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إن الصدقة لتطفئ غضب الرب، وتدفع ميتة السوء”.
كما وردت الكثير من الأدلة الشرعية التي تحث على إخراج الصدقة سراً، من ذلك ما رواه الطبراني أنه صلى الله عليه وسلم قال: “صنائع المعروف تقي مصارع السوء، والصدقة خفيا تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم زيادة في العمر، وكل معروف صدقة، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وأهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة، وأول من يدخل الجنة أهل المعروف. (صححه الألباني).
المفاضلة بين صدقة السر والعلن
ذهب الكثير من العلماء إلى القول بتفضيل صدقة السر على الصدقة العلانية، لأن في إخفاءها أقرب إلى الإخلاص وأبعد عن الرياء، كما أنها أقل إحراجا للمحتاج.
لكن من العلماء من قال بأن صدقة السر على الغالب أفضل من صدقة العلانية، وأحياناً قد تكون صدقة العلانية أفضل.
هل الأفضل إظهار الصدقة أم إخفاؤها؟
جاء في تفسير ابن كثير على أن في الآية التي سبق ذكرها: “دلالة على أن إسرار الصدقة أفضل من إظهارها، لأنه أبعد عن الرياء، إلا أن يترتب على الإظهار مصلحة راجحة من اقتداء الناس به فيكون أفضل من هذه الحيثية، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة، والمسر بالقرآن كالمسر بالصدقة ـ والأصل أن الإسرار أفضل لهذه الآية. انتهى.
وقال ابن العربي في كتابه أحكام القرآن: “فأما صدقة النفل، فالقرآن صرح بأنها أفضل منها في الجهر، بيد أن علماءنا قالوا: إن هذا على الغالب مخرجه، والتحقيق فيه أن الحال في الصدقة تختلف باختلاف المعطي لها والمعطى إياها، والناس والشاهدين لها، أما المعطي، فله فائدة إظهار السنة وثواب القدوة، وآفتها الرياء والمن والأذى، وأما المعطى إياها، فإن السر أسلم له من احتقار الناس له أو نسبته إلى أنه أخذها مع الغنى عنها وترك التعفف “.