كورونا .. صدمة العزل: الأطفال، واقع مأزوم ومستقبل مجهول

2020-09-28

 الأطفال حاضر المجتمعات وكل مستقبلها. كانوا الأكثر تأثرا بهذه الجائحة  التي طرحت تحديات كبيرة للمستقبل  إضافة إلى أنها مثلت لهم تحولا منهجيا في سلوكهم الذي اعتادوا عليه. حيث أغلقت مدارسهم وحرموا من مشاركة أندادهم وأصبحوا جلوسا في منازلهم طوال الوقت. كما فقد البعض القدرة على التأقلم مع الواقع الجديد، تحت تأثير صدمة العزل وإدمان الإنترنت للذين تتوفر لهم هذه الخدمة. أما أقرانهم في مخيمات اللجوء والنزوح والفقر في أنحاء عدة بالعالم، فقد دفعت الجائحة بعضهم إلى العمل بنفوس مكسورة ومقهورة لمساعدة أسرهم المتضررة مما ضاعف بؤسهم وعرضهم إلى اهتزازات نفسية مدمرة.

في مقال “الطفولة وكورونا .. صدمة العزل” ستتعرف على:

تداعيات وقلق

19 مليون طفل مشرد في العالم بحسب إحصائيات اليونسيف معرضون لتداعيات كورونا حيث حذرت المنظمة من مغبة الأوضاع الحالية في مجتمعات اللاجئين المنتشرة في المناطق التي تشهد أزمات.

من جهة أخرى أبدت الأوساط المهنية بتشخيص ما يمكن أن يتعرض له الأطفال اهتماما كبيرا حول معاملة الكبار والاضطرابات النفسية والخوف والقلق ونقص خبراتهم في مواجهة ظروف كهذه.

فالحرمان ونقص التجارب في مواجهة الحياة وتحولاتها لدى الأطفال بات أمرا يثير القلق الكبير لدى كثير من الدوائر المهتمة بالصحة النفسية للأطفال بغية الحيلولة بينهم وبين المجهول وما يحمله من عوامل الشر والجنوح.

حيث يرى الدكتور محمد العنزي أستاذ علم النفس لمجلة غراس إن لكل أزمة تأثيرها على الفرد مهما كان كبيرا أو صغيرا لكن تأثيرها على الأطفال مرتبط بتأثير هذه الأزمة على الآباء والأمهات.

وشدد الدكتور على أهمية دور الأسرة في توفير بيئة إيجابية وآمنة لأطفالهم توفر لهم الراحة والدعم النفسي.

فيما أبدى الدكتور محمد كمال المرشد النفسي والمجتمعي بجمعية الصحة النفسية “وياك” ، قلقه من التأثير السلبي لجائحة كورونا على الصحة النفسية للأطفال.

حيث تسبب اغلاق المدارس وعزلهم بالمنزل في أن يصبحوا أكثر عنفا وعدوانية وازدادت لديهم حالات البكاء كما زاد ارتباطهم بالأجهزة الالكترونية وكل هذا مؤشر لانخفاض مستوى الصحة النفسية لديهم.


الطفولة وكورونا : واقع مأزوم ومستقبل مفتوح على المجهول

أزمة حقوق طفل

وتأسيسا واقع الطفولة وكورونا، فإن منظمات دولية تؤكد أنه رغم تراجع انتشار فيروس كورونا في بعض البلدان إلا أن الخسائر الاجتماعية الناجمة عنه ستتوالى على نحو سريع وفادح، خاصة لدى الأطفال باعتبارهم الفئة الأشد ضعفا هم من يتحملون الخسائر الاكبر.

كما تخشى منظمات أخرى أن تتحول الأزمة الصحية إلى أزمة في حقوق الطفل. فقد أكد تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف”، أن جائحة “كوفيد-19” كانت من الأسباب الرئيسية لعمل الأطفال القسري، إضافة إلى التهميش الاجتماعي، والتمييز، ونقص التعليم الجيد.

ومن المرجح أن تتضاعف هذه العناصر مستقبلا. حيث يؤدي الاختلال العالمي الهائل في التعليم الناجم عن تدابير الحجز، وارتفاع معدلات البطالة والفقر، ونقص الخدمات إلى ارتفاع أعداد عمالة الأطفال. إذ قد تلجأ الأسر إلى تشغيل أطفالها مع فقدان هذه الأسر لمصدر رزقها.

وبحسب منظمة العمل الدولية فإن أكثر من 152 مليون طفل منخرطون في سوق العمل عالميا 72 مليونا منهم يمارسون اعمالا خطرة ويواجهون ظروفا أكثر صعوبة ويعملون لساعات أطول في ظل جائحة كورونا، كما أن طفلا واحدا من كل 10 أطفال في جميع انحاء العالم منخرط في سوق العمل.


الطفولة وكورونا : واقع مأزوم ومستقبل مفتوح على المجهول

الأطفال وتساؤلات المستقبل

ودعا ناشطون في مجال حقوق الإنسان إلى ضرورة الاهتمام بحقوق الأطفال في هذه الظروف، حيث قال الدكتور حسن سعيد المجمر الناشط في مجال حقوق الانسان لغراس إنه “ينبغي على الجميع وفي مقدمتهم الحكومات والمنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة وأصحاب المصلحة من أفراد المجتمع أن يضعوا الأطفال وحقوقهم كأولوية في مثل هذه الظروف الإنسانية الحرجة، لكون الأطفال يعتمدون على الكبار وهم في كل الأوقات بحاجة إلى الدعم والرعاية، خاصة في زمن كورونا حيث تزداد الحاجة الماسة إلى اعتماد سياسات وآليات تنفيذية وطنية صارمة وفعالة ترصد الوفاء بضمانات تمتع الأطفال بالحقوق وتفرض المساءلة التي تصون كرامتهم الإنسانية.

كما يجب أن يتضاعف الاهتمام بملف الطفولة وكورونا داخل مخيمات النزوح واللجوء الذين هم في أشد الحاجة للمساعدة حتى في غياب الجائحة، حيث إن الحصول على الرعاية والمرافق الصحية الأساسية محدود للغاية، في ظل ظروف النزوح واللجوء، وهذا أمر يطرح أسئلة كبرى إذ كيف يتجاوز العالم اثار جائحة كورونا؟ أو ماذا أعد العالم لمواجهة هذه الآثار المحدقة بمستقبل ملايين الأطفال في العالم وبصفة خاصة الأطفال في محور الفقر والمناطق التي تعاني من أزمات مع ضعف التوعية والوعي في تلك المناطق.؟


تماضر القاضي
ملاحظة: يعبر المقال عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر قطر الخيرية.

المقال منشور في العدد 23 من مجلة غراس

يمكنك تحميل نسختك الآن أو الإطلاع على مقالات أخرى من المجلة

مواضيع ذات صلة

تعليقات

اترك أول تعليق