تحدت الفقر فصارت قدوة لغيرها من الأرامل

2020-10-05

بفقدها لزوجها فقدت السيدة مها أبو عرب من قطاع غزة في فلسطين مصدر الدخل لإعالة أسرتها المكوّنة من أربعة أبناء، أكبرهم 13 عاما، واثنان أخريان يحتاجان إلى أدوية. لكنّها رغم الصعوبات التي واجهتها مع بداية رحيل زوجها قررت عدم الاستسلام  لواقعها الصعب. إلى أن تمكنت من جعل إحدى غرف بيتها الصغير ورشة  للحياكة، تنتج فيها الملابس المطرزة، والاكسسوارات والحقائب النسائية. حيث توفّر لها ولأولادها مصدر رزق يحفظ كرامتهم. وتتطلع إلى أن تتمكّن مستقبلا من تحقيق طموحها بفتح مَشغَل صغير  للحياكة والتطريز يتيح لها زيادة إنتاجها وتوسيع نشاطها، وتدريب وتشغيل النساء الأرامل والفقيرات فيه. 

دورة حرفيّة

كفالة مكتب قطر الخيرية في غزة لاثنين من أبنائها ـ رغم أهميتهاـ لم تكن كافية لسد كافة حاجات أسرتها معيشيا، لذا فكرت السيدة مها بحرفة تعينها على مواجهة متطلبات الحياة وتوفير مستقبل جيد لأبنائها.  

قصة السيدة مها، التي تناولها الجزء الثاني من كتاب شهد النجاح، كانت بدايتها عند التحاق السيدة مها في دورة حرفية نظمتها إحدى الجمعيات النسوية العاملة في قطاع غزة، لتعليم الحياكة وخصوصا (التطريز).

وبعد الانتهاء من التدريب كان إنتاجها بسيطا بسبب عدم توفر ماكينة حياكة، وصعوبة الحصول على ملحقاتها. حيث كانت صناعة الثوب النسائي الواحد، تحتاج منها إلى ما يزيد عن أسبوعين، مضطرة بسبب ذلك لصناعة الأثواب على مرحلتين. تبتدأ بالتطريز بالإبرة وخيوط الحرير، ثم نقل هذه القطع المطرّزة إلى ورشة للخياطة والحياكة كي تقوم بتفصيلها.

السيدة مها تعلم الأرامل كيف ينتصرن على الفقر
السيدة مها تعلم الأرامل كيف ينتصرن على الفقر

منعطف مهم في حياة السيدة مها أبو عرب

لكن مع التحدي والطموح يكون الأمل متاحا دائماً من أجل تحقيق مزيد من النجاح والتطوير وصناعة مستقبل أفضل. فقد تغيّر وضع السيدة مها وأسرتها نحو الأفضل وانتقلت إلى مرحلة جديدة في عملها .. فكيف تمّ لها ذلك؟

اغتنمت السيدة مها فرصة مشاريع التمكين الاقتصادي التي تُملِّكها قطر الخيرية لأمهات الأيتام. فكان أن حصلت على تمويل لمشروعها الصغير المتمثل في ماكينة حياكة وملحقاتها مع بعض المواد الخام التي تساعدها على الإنتاج.

ومنذ ذلك الوقت والسيدة مها تعمل بلا كلل أو ملل على تصنيع الألبسة النسائية، من خلال الورشة التي خصصت لها غرفة في شقتها المتواضعة.

مشيرة إلى أنّ الحياة فرص، إن لم يغتنمها الإنسان في وقتها فقد لا تعود إليه. وشكرت السيدة مها الله سبحانه أن وفقها لالتقاط الفرصة التي قدمتها قطر الخيرية لتحسين الوضع الاقتصادي الذي تعانيه أسرتها والأسر الأخرى التي فقدت المعيل الوحيد (الأب) في قطاع غزة.

تطوير الورشة

للسيدة مها برنامج يومي دأبت عليه، للتوفيق بين دورها كأم ترعى أبناءها الصغار، وبين توفير دخل مناسب لهم.

لذا تستيقظ مبكرا لتحضير الإفطار لهم ومتابعة تجهيز ذهابهم للمدارس. ثم تنتقل لورشتها الصغيرة لتمارس فيها مهنتها التي أحبتها بكل شغف لأكثر من خمس ساعات يوميا.

وتقول مها: “لولا محسنو قطر وقطر الخيرية لما تمكّنتُ من فتح هذا المشغل الصغير، ولا ذاع صيت جودة منتجاتي بين الناس”. منوهة بأنها تتلقى إطراء كبيرا من قبل الزبائن وبعض التجار الذين يقومون بترويج منتجاتها من الملبوسات.  

وتجد السيدة مها نفسها مضطرة لقضاء ساعات طويلة في العمل داخل هذه الغرفة. وذلك لأجل إنجاز أعمال الزبائن التي تتراكم بفعل المناسبات كالأعياد ومواسم الأفراح.

مشيرة إلى أن الطلب على الملابس التي تنتجها في ازدياد. وتعتقد أن ذلك سيفتح الباب لجني مزيد من الأرباح التي ستعينها على تحقيق طموحاتها في العمل.

وتسعى السيدة مها لتطوير عملها باستمرار. وفضلا عن تصنيع الألبسة الذي تقوم به حياكة وتطريزا؛ فإنّها أضافت إلى خبرتها فن صناعة الإكسسوارات والحقائب النسائية.

وتبعا لذلك فإنها تنتج احتياجات النساء كاملة في تناسق وتناغم كامل في الألوان والأشكال. وذلك بما يناسب كل جديد وحديث في هذا المجال. كما أنها ابتكرت طرقاً جديدة لعرض منتجاتها.

فهي تعتمد في عرض الأثواب التراثية الفلسطينية على الدمى البلاستيكية، بدلاً من عرضها على “المانيكان – دمية عرض الملابس”، وذلك جذباً للأطفال، كما تقول.

السيدة مها أبو عرب .. قصة طموح بلا حدود

طموحات السيدة مها كبيرة. حيث بدأت بالادخار من أرباحها لأجل افتتاح مشغل أكبر، يغطّي متطلبات الزبائن من كافة محافظات قطاع غزة. بالإضافة إلى إتاحةلمجال لتدريب وتشغيل النساء الأرامل، وفتيات الأسر الفقيرة ممن يحببن هذه الحرفة ويبدين الرغبة للعمل فيها.

وبعدّ ذلك جزءا من مسؤولياتها الاجتماعية في نقل المعرفة وفتح مجال العمل لغيرها، خصوصا أنها تحسّ بمعاناة الأرامل والأسر ذات الحاجة أكثر من غيرها.  

ملكية كاملة

تشعر السيدة مها بارتياح كبير بعد المشوار الذي قطعته حتى الآن؛ فالورشة ساعدتها على الاستقرار النفسي والمعيشي. فمن عملها تمكّنت من توفير أثمان الدواء لأطفالها بانتظام دون استعطاف أو منة من أحد، وتسديد كافة الأقساط المتراكمة على عاتقها والمتعلقة بقيمة الشقة السكنية التي تقيم فيها.

وبذلك أصبحت تملك الشقة الآن ملكية كاملة، وتستعد حاليا لطلائها، وتغيير أثاثها القديم، وشراء أجهزة لوحية لأطفالها كيلا لا يشعروا أنهم أقل شأناً من غيرهم من الأطفال، كما أخبرتنا.

في ختام توثيق قصة نجاحها، حثت السيدة مها جميع النساء اللواتي يعانين من ظروف اقتصادية واجتماعية سيئة في قطاع غزة وغيره، على تطوير إمكاناتهنّ ومهاراتهنّ المهنيّة وفقاً لهواياتهنّ ورغباتهنّ المُسبقة، وبما يعود بالنفع على أسرهنّ ويسهم في تحقيق الانتعاش الاقتصادي ويغنيهنّ عن مدّ يد الحاجة للناس.   

المقال منشور في الجزء الثاني من كتاب شهد النجاح من قطر الخيرية، حمّل نسختك الآن

مواضيع ذات صلة

تعليقات

اترك أول تعليق