قصص الأطفال خير وسيلة لغرس القيم الإنسانية لدى الناشئة

د. حصة العوضي
2020-10-14

عادة ما يحرص الكتاب والمبدعون في ميدان أدب الأطفال، على تضمين كل قصة يدونونها قيمة تربوية محددة، كي تصل إلى الطفل بسهولة ويسر.. فأحداث قصص الأطفال وفكرتها، تبدأ دائما بهدف ما، ولا بد أن يتحقق ذلك الهدف المطلوب قبل انتهاء الحكاية أيا كان نوعها..

وفي هذا المجال، تسير تلك القيم في مسارات كثيرة، تلتقي في نهايتها ، ليكون ما يسمى بالأعراف والعادات والتقاليد ..

من تلك القيم، القيم الأخلاقية، وهي أيضا كثيرة في مجالاتها، بما يطال البيئة، والمجتمع والتربية ..

ومنها، تخرج أخلاقيات كثيرة منها الدينية، والإنسانية، والاجتماعية، والتعليمية، والتاريخية .. والبيئية .. والاقتصادية ، وغيرها ..

كل تلك الأخلاقيات تخرج من عدة منابع، مثل القيم الدينية والإسلامية، والتاريخ العربي والإسلامي، والمجتمع، والمدارس، والتربية، والصحة. بل كل ما يحيط الطفل من ماديات ومهارات، وتعاليم، لتصب معا في نفس المنبع، مكررة تنظيم وتغيير ما يتطلب التغيير والتعديل بحكم المتغيرات الحضارية والزمنية..

بعض الكتاب حرصوا على إصدار مجموعات من القصص في سلاسل مكونة من عدد من القصص التي تتحدث كل منها عن قيمة أخلاقية واحدة من خلال السرد البسيط.. مثل قصة الصدق، الأمانة، الوفاء.

واختاروا لكل قصة بطل واحد يتكرر اسمه في كل قصة. أو تغيير البطل في كل قصة، بتغير المكان والزمان والهدف أيضا، والذي لا بد أن يحمل قيمة أخلاقية، يتم طرحها من خلال القصة والشخصيات والحل. بما يؤكد أهمية تلم القيم المطلوبة لحياة الإنسان على هذه الأرض.


"سلسلة الأطفال "اقرأ تعلّم ساعد"
إقرأ أيضاً: حول صدور العدد الأول من سلسلة الأطفال “اقرأ تعلّم ساعد” : ربيع بلا أشجار خضراء

ومن السلاسل القصصية للأطفال أيضا، أصدرت بعض دور النشر، قصصا مستمدة من القرآن الكريم والسنة. وهدفها في ذلك تبين أهمية الالتزام بالتعاليم الدينية والفرائض والسنن للطفل. وهو ما يتطلب عليه التعايش مع الآخرين بخلق حسن، والتعامل معهم بالحسنى، واللطف والرحمة والإنسانية..

لكن هذا لا يخص البشر فقط. بل أيضا لا بد من أن يحسن الإنسان إلى الحيوانات، وعدم المساس بها بضر أو أذى، كتعذيب القطط، واللعب بالعصافير الصغيرة، وتدمير الأعشاش الخاصة بالطيور، وغيرها ..

تركة ثمينة يكتنزها نراثنا تنتظر من يعرضها على أطفالنا بأسلوب شيق

وقد حصلنا بعد قرون من الزمان، على تركة غنية وثمينة. تمثل كنوزاً هائلة من المعارف والحكم، والسير النبوية، والعلماء، والأطباء، والشعراء، والمؤرخين، والذي سطّروا ما يحدث وحدث في زمنهم ضمن كتب ضخمة. وهي تعتبر من عيون المعرفة والعلوم الإسلامية والعربية..

ومن حق تلك المعلومات الفريدة أن تخرج من بطون الكتب، لتصاغ بأسلوب بسيط ومشوق، لجذب اهتمامات الطفل، وتعليمه بعض أخلاقيات السلف، من الحكماء والعلماء، الذين أضاءوا العالم بتجاربهم وأبحاثهم وتجميعهم..

من تلك الكتب كذلك ما يتم نشره من حكايات جحا ضمن موسوعات فكاهية. إضافة إلى سير الأنبياء والرسل، وسير العلماء العرب وغيرهم ، وأبطال المسلمين، والصحابة، وسير المبدعين الكتاب.

لتصاغ في قصص بسيطة المضمون، هادفة في المحتوى، جذابة للقراءة والاطلاع عليها، سهلة الكلمات والمفردات. مما يضعها في أولويات الأطفال والمربين والمعلمين، لتعويد الطفل على القراءة، ولتعريفهم بتاريخهم، وتعليمهم ما خفي عليهم من طرق للنجاح والتفوق ، والشجاعة، والعمل الجاد، والطموح، واحترام الآخرين، والتقيد بتعاليم الدين وقيمه الثمينة، وأخلاقيات المجتمع وتقاليده، التي تجمع بين الأفراد في المجتمع الواحد كأسرة واحدة، وكشخص واحد، يحب لغيره ما يحب لنفسه، ويتألم لآلام غيره كما يتألم لنفسه أو أكثر، ويحيا معهم في أمان، وسلام، وتعاون، ويسعى لحمايتهم والدفاع عنهم ..


"أبطال في مواجهة كورونا" : حملة لتوعية الأطفال من مخاطر الفيروس
إقرأ كذلك : “أبطال في مواجهة كورونا” : حملة لتوعية الأطفال من مخاطر الفيروس

بذلك تعتبر قصص الأطفال وسيلة بسيطة لإيصال الرسالة التربوية والأخلاقية للطفل، من خلال الكتب المرسومة بالصور الملونة، والأغلفة الجذابة، والأسلوب السهل الممتنع، مما يخلق منه جزء من الجيل القادم، الجيل المؤمن الصالح، بكل أفراده وتآلفهم، وتوحدهم، في الخير والشر، والتضحية وبذل النفيس والغالي في سبيلهم..

ولذا يحتاج بعض الكتّاب إلى قوة دافعة وداعمة لإخراج كل تلك المعطيات في ثيابها الجميلة، وأهدافها الأخلاقية العالية، التي من شأنها حماية المجتمع، وبناء سد من الصمود والإيمان، في سبيل تربية أطفال صالحين مشبعين بقيمة الإيجابية والمبادرة وخدمة الآخرين، وصولا إلى مجتمع صالح، ووطن متكافل ومتعاضد وآمن.  

المقال منشور في العدد 23 من مجلة غراس

يمكنك تحميل نسختك الآن أو الإطلاع على مقالات أخرى من المجلة

د. حصة العوضي
إعلامية وكاتبة أطفال
يعبر المقال عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر قطر الخيرية.

مواضيع ذات صلة

تعليقات

اترك أول تعليق