كيف تدخلت قطر الخيرية لحل معضلة شح المياه؟

2020-10-25

تعاني المناطق الساحلية في جنوب وجنوب غربي بنغلاديش، وهي مناطق خليج البنغال من معضلة الشح في المياه النقية. ويعيش سكانها معاناة مضاعفة في سبيل الحصول عليها. وتتكون هذه المناطق من 19 مقاطعة ويعيش فيها نحو 35 مليون شخص، يمثلون 29 ٪ من إجمالي سكان البلاد.

ومن الأسباب التي أدّت إلى صعوبة إمداد هذه المناطق بالمياه العذبة، تسرب المياه المالحة. بالإضافة إلى انخفاض معدل تدفق المياه، وارتفاع مستوى سطح البحر، والكوارث، والتلوث بالزرنيخ، وزراعة الجمبري.

العنوان

ناهيك عن الاستخدام المفرط للمياه الجوفية بطريقة غير مخطط لها. ونتيجة لنقص المياه الصالحة للشرب، أصبحت الأمراض التي تنتقل عن طريق المياه من الأوبئة الشائعة في هذه المناطق.

هذه الأسباب جعلت قطر الخيرية تركز على مشاريع المياه والإصحاح وتلعب منذ 2009 دوراً رائداً في مجال حفر آبار عميقة وإيصال مياهها النقية عبر شبكات للبيوت.

وهو ما أسهم في دعم جهود حكومة بنغلاديش في التخفيف معاناة الأهالي وتقليل نسبة الوفيات الناجمة عن الأمراض المنقولة عن طريق المياه.

ويعد تدخل قطر الخيرية في قريتي “خلشي” و”شمجونج” نموذجين رائدين لتوصيل المناطق بالمياه النقية والحد من شحها في خليج البنغال.

 قرية “خالشي”

“خالشي” قرية صغيرة في منطقة باجيرات الجنوبية. تقطنها نحو 1670 أسرة. تفتقر لأدنى مقومات الحياة، ويمتهن سكانها الزراعة حرفة أساسية. وفي الماضي القريب، شكلت قضية الحصول على مياه نظيفة وصالحة للشرب، كابوسا لسكان هذه القرية.

حيث كانوا يعتمدون على المياه الجوفية أو مياه الأمطار كمصادر رئيسية لمياه الشرب. بيد أن المشكلة التي ظلت تواجه سكان هذه القرية هو أن مياه الأمطار لم تكن كافية لهم.

كما أن المياه الجوفية في الجانب الآخر، كانت مالحة للغاية وملوّثة وتسبب العديد من الأمراض مثل أمراض القلب والأوعية الدموية والإسهال وآلام البطن.

مشروع رائد غيّرا حياة الناس 

في أبريل/نيسان من عام 2017، قامت قطر الخيرية بتركيب أول بئر ارتوازية عميقة في القرية وسط حماس كبير من السكان المحليين. وهناك اليوم نحو 20 بئرا ارتوازية متوفرة، تساهم في معالجة هذه الأزمة والقضاء التام على ندرة مياه الشرب والاحتياجات المنزلية.

تقول “تشينا بيغوم، وهي امرأة من قرية “خالشي، في منتصف العمر: “نحن فقراء ونعيش منذ فترة طويلة هنا ونواجه الكوارث الطبيعية. واعتدنا حتى على شرب المياه الجوفية شديدة الملوحة.. اليوم بفضل من الله سبحانه وتعالى، فقد ولت أيام العسر تلك.

وتُضيف: “وبفضل الدعم القطري، صار بالإمكان القضاء على أزمة العطش والحصول على مياه نظيفة خالية من التلوث “.

من جهته عبّر نيرمال داس، وهو مزارع من نفس القرية، قائلاً: “إن الحصول على مياه نظيفة يشكل مصدر ارتياح كبير لسكان القرية أمثالي. فطالما كنا نتوق للحصول على مياه نقية للشرب والاستخدام المنزلي. لقد ظللنا نعاني بسب نقص توفر المياه الخالية من التلوث. خصوصا أطفالنا الذين ظلوا يعانون العديد من الأمراض. ولكن الآن تم حل المشكلة، فلا شيء إذن يعادل هذه الهدية”.

وحول تأثير بناء الآبار الارتوازية، أعرب روبيل مولا، رئيس اتحاد خالشي (وهي وحدة حكومية محلية في بنغلاديش)، عن امتنانه لقطر الخيرية قائلا: كان من الصعب جداً إدارة مياه الشرب لأهالي قريتي.

مازلت أتذكر أيام المعاناة التي كانت تضطر نساء هذه القرية للمشي مسافة ثلاثة كيلومترات إلى القرى الأخرى للحصول على مياه الشرب. وهو ما كان يستغرق وقتا طويلا بسبب وعورة الطرق. اليوم بعد أن حلت قطر الخيرية هذه المشكلة، أصبحنا قضية ندرة مياه الشرب جزءا من الماضي.

شح المياه النقية بخليج البنغال: كيف تدخلت قطر الخيرية لحل هذه المعضلة؟

 قرية “شمجونج”

” شمجونج” قرية فقيرة تتبع لمقاطعة لاكسمبور. وهي منطقة ساحلية أخرى في بنغلاديش. تقع على بعد 200 كيلومتر من العاصمة. ويقطنها نحو 70000 شخص ويعيش غالبيتهم على الزراعة وصيد الأسماك. سميت “قرية الزرنيخ” بسبب ارتفاع مستويات التسمم بالزرنيخ في الماء لفترة طويلة من الزمن.

وبسبب هذا التلوث، عانى سكان القرية من شتى أنواع الأمراض مثل سرطان الجلد وسرطان المثانة والكلى والرئة وأمراض الأوعية الدموية في الساقين والقدمين. ناهيك عن أمراض السكري وضغط الدم واضطرابات الانجاب.

في عام 2013، مدّت قطر الخيرية يد العون لحل مشكلة الزرنيخ في القرية. ومنذ ذلك الحين تم حفر 25 بئرا ارتوازية عميقة للمياه الخالية من التلوث.

مياه بدون زرنيخ

وعن انطباعات الأهالي حول هذه المشاريع، قالت السيدة شيمين أكتر، وهي شابة من عائلات شمجونج: “نحن محظوظون بالحصول على آبار ارتوازية عميقة تصل مياهها لمنازلنا. فبفضلها تم القضاء على معاناة لا توصف في ندرة المياه النقية.

في الاتجاه ذاته عبّر السيد رفيق الله، أحد المستفيدين من مشاريع قطر الخيرية في مجال المياه، عن امتنانه لهذا العمل قائلا: “إنها فعلا نعمة من أهل قطر الطيبين الذين قاموا بتوفير هذه الآبار لحمايتنا من مخاطر وأمراض المياه الملوثة”.

وحينما سئل عمران نانو، رئيس اتحاد “Hamchadi” التي تتبع له القرية إداريا عن الآبار التي شيدتها قطر الخيرية، قال: يمكن لأهل القرية الآن شرب الماء الخالي من الزرنيخ بسهولة. مع أن مثل هذا الأمر كان حتى قبل بضعة سنوات أمراً بعيدا المنال. وأضاف: بعد تشييد هذه الآبار العميقة، هناك بالفعل انخفاض كبير في نسبة الأمراض في هذه المنطقة”.

المقال منشور في العدد 23 من مجلة غراس

يمكنك تحميل نسختك الآن أو الإطلاع على مقالات أخرى من المجلة

مواضيع ذات صلة

تعليقات

اترك أول تعليق