كسمايو حاضرة ولاية جوبا لاند بالصومال، مدينة ساحلية تقع على بعد 528 كيلومترا جنوب العاصمة مقديشو ويقطنها نحو 170,000 نسمة. تعرضت البنى التحتية لهذه المدينة إلى أضرار بالغة بسبب أزمات داخلية. ما دفع بعض سكانها للنزوح داخليا والبعض الآخر لجأ إلى دول الجوار مثل كينيا وإثيوبيا بحثا عن ملاذ آمن ولتوفير لقمة العيش. لكن بعد أن استتب الأمن، عرفت كيسماو موجات عودة اللاجئين إلى موطنهم، الأمر الذي تطلب جهوداً كبيرة لاحتضان الأعداد الكبيرة منهم. فكان بناء المجمع السكني للعائدين أحد أبرز المبادارت لدعم الجهود الحكومية والمحلية.
عاش اللاجئون الصوماليون الفارون من لهيب الحرب على مدى 25 عاماً في مخيمات داخل الأراضي الكينية بعيدا عن ديارهم وموطن ذكرياتهم يحدوهم الأمل أن تشرق عليهم شمس يوم يعودون فيه أدراجهم إلى ظل وطنهم.
وبعد أن قامت الحكومة الكينية في مايو 2016 بإغلاق المخيمات والعمل على إعادة هؤلاء اللاجئين إلى بلادهم، أصبح أمام هؤلاء خياران أحلاهما مر. إما العودة إلى المجهول أم البقاء في ديار لا توفر لهم مأوى وحياة كريمة.
المجمع السكني للعائدين لتسهيل العودة والاستقرار في الديار
وبدأت رحلة العودة الشاقة والمحفوفة بالخوف والقلق. كانت مدينة كسمايو تنفض عنها غبار أزماتها ولم تستعد عافيتها بعد. ورغم ذلك استقبلت المدينة العائدين من أبنائها الذين وصلوها ولم يكن أماهم شيء يأويهم. فبدأوا في بناء بيوت من أغصان الشجر وبقايا الثياب عساها تقيهم حرارة الشمس وتحميهم من لفح برد الشتاء دون أدنى مقومات أخرى للحياة.
ومن أجل إغاثة واستقبال موجات العائدين الذين تقطعت بهم سبل الحياة، بادر مكتب قطر الخيرية في الصومال لنجدتهم ومد يد العون لهم ومساعدتهم. حيث قام المكتب بالاتصال بالجهات الرسمية في الحكومة الفيدرالية الصومالية والولاية، لنتطلق بعدها مباشرة المسوحات الشاملة وتقييم حالة العائدين في كل المجالات.
وقد وضعت قطر الخيرية الحجر الأساس في أكتوبر 2018م. وذلك بناء على المعلومات التي رصدتها وفي إطار جهودها الانسانية لصالح المتضررين. حيث تقدر تكلفة مشروع المجمع االسكني للعائدين بمليون وثمانمائة ألف ريال قطري، على قطعة أرض بمساحة 400,4 متر مربع.
يتكون المشروع من 24 وحدة سكنية ليستفيد منها 144 شخصاً. وكل وحدة سكنية تضم غرفتي نوم ومطبخ وحمام وصالة طعام. كما يضم المجمع كذلك مسجداً جامعاً يتسع لسبعمائة وخمسين مصليا.
ويهدف المجمع إلى دعم الأسر النازحة في المخيمات في الحصول على مأوي دائم لهم. كما يدخل ضمن الجهود الوطنية لإيجاد حل مستديم لظاهرة النزوح الذي تبنته الحكومة الفيدرالية الصومالية من خلال بناء وحدات سكنية دائمة في الصومال.
كما يسعى إلى تحسين الظروف المعيشية والبيئة الاجتماعية للأسر الفقيرة، وتعزيز التعليم وسط العائدين.
ويأتي هذا المشروع ضمن استراتيجية قطر الخيرية الهادفة إلى تطوير شبكات أمان اجتماعية مستديمة تلبي بشكل فعّال الاحتياجات الأساسية للفئات الاجتماعية الأكثر هشاشة في مجالات الصحة، والتعليم، والرعاية الاجتماعية غيرها.
إشادة مسؤولين
حظي المجمع السكن للعائدين الذي تم افتتاحه في يونيو 2020 بإشادة عدد من المسؤولين في الحكومة الفيدرالية الصومالية وولاية جوبا لاند
وقد قال السيد محمود سيد آدم النائب الأول لرئيس ولاية جوبا لاند أن هذه المشاريع تعتبر نقلة نوعية في مجال التعليم والإسكان. حيث قدم شكره وتقديره لدولة قطر على سعيها الدؤوب لمساعدة الفئات المحتاجة وإقامة المشاريع النوعية. كما أثنى على دور قطر الخيرية ومبادراتها في الولاية. وطالب بزيادة المشاريع التنموية لسد احتياجات الأهالي.
أما السيد محمد ورسمي درويش وزير الشؤون الداخلية بولاية جوبا لاند فقال أن الولاية كانت في أمس الحاجة إلى مثل هذه الخدمات. مشيرا إلى أن الولاية على استعداد لتوفير كافة التسهيلات اللوجستية والأمنية لإقامة مشاريع أخرى.
يذكر أن مكتب قطر الخيرية في الصومال ومنذ 2018م نفذ عدة مشاريع إنسانية في مجالات التعليم والثقافة والمياه والإصحاح البيئي والأمن الغذائي.
المقال منشور في العدد 23 من مجلة غراس
يمكنك تحميل نسختك الآن أو الإطلاع على مقالات أخرى من المجلة