صدقة التطوع هي عبادة عظيمة جاءت الكثير من الأدلة الشرعية على الترغيب فيها. فقد روى البخاري من حديث أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يصعد إلى الله إلا الطيب، فإن الله يتقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبه، كما يربي أحدكم فلوه، حتى تكون مثل الجبل”. ومن الأمور التي تعظم بها صدقة التطوع الإسرار بها، وشدة حاجة المتصدق عليه إليها.
في مقال “صدقة التطوع” ستتعرف على:
فوائد صدقة التطوع
للصدقة فوائد كثيرة، من ذلك ما ذكره ابن القيم: “قالوا: وفي الصدقة فوائد، ومنافع لا يحصيها إلا الله. فمنها: أنها تقي مصارع السوء، وتدفع البلاء، حتى إنها لتدفع عن الظالم.” (عدة الصابرين).
وقال إبراهيم النخعي: “وكانوا يرون أن الصدقة تدفع عن الرجل المظلوم، وتطفئ الخطيئة، وتحفظ المال، وتجلب الرزق، وتفرح القلب، وتوجب الثقة بالله، وحسن الظن به، كما أن البخل سوء الظن بالله. وترغم الشيطان، يعني الصدقة. وتزكي النفس وتنميها، وتحبب العبد إلى الله، وإلى خلقه، وتستر عليه كل عيب، كما أن البخل يغطي عليه كل حسنة. وتزيد في العمر، وتستجلب أدعية الناس، ومحبتهم، وتدفع عن صاحبها عذاب القبر، وتكون عليه ظلا يوم القيامة، وتشفع له عند الله، وتُهوِّن عليه شدائد الدنيا، والآخرة، وتدعوه إلى سائر أعمال البر، فلا تستعصي عليه. وفوائدها، ومنافعها أضعاف ذلك. “.
أما عن كيفية أداء الصدقة، فهو أمر سهل، من خلال دفع المال إلى شخص بعينه. أو إرسالها إلى الفقراء والمحتاجين، إذا لم يكن هناك فقراء في المكان الذي يقيم فيه المتصدق.
كما يمكن دفع الصدقة إلى الجمعيات والمراكز الخيرية -إن وجدت- لتتولى توزيعها مستحقيها.
الصدقة الواجبة وصدقة التطوع
الصدقة بمفهومها العام تشمل الزكاة الواجبة وصدقة التطوع. فأما الزكاة الواجبة فتتعلق بأنواع مخصوصة من المال بشروطها. بينما صدقة التطوع مستحبة عظيمة الثواب ومرغب فيها وليست بواجبة، وهي جائزة من كل المال المباح قلّ أو كثر.
صدقة التطوع مجالها واسع
باب الصدقة التطوع واسع ولله الحمد. فلم يحصرها الرسول في عمل محدد، بل قال عليه الصلاة والسلام: “كل معروف صدقة”. (رواه البخاري ومسلم).
ففيها متسع، ومع مراعاة تحري الشخص الأحوج والأكثر انتفاعا بالصدقة حتى يعظم فضلها وأجرها.
النقص من صدقة التطوع والزيادة فيها
يجوزُ النقص منها والزيادة فيها، فهي ليست واجبة وأمرها موكولٌ إلى المتصدق من حيث الأصل. والأفضل ألا ينقص المقدار الذي يخرجه المتصدق. فأحب الأعمال إلى الله أدومها، فمن سنة النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا عمل عملاً أثبته. ناهيك عن أن الصدقة لا تُنقص المال كما أخبر بذلك عليه الصلاة والسلام.
المفاضلة بين صدقة التطوع في الأقربين وغيرهم من الفقراء
من المعلوم أن الصدقة على الأقارب تجمع بين الصدقة والصلة ولذلك فالصدقة عليهم تكون أفضل. لكن ما دام هؤلاء الأقارب غير محتاجين فإن الصدقة على المحتاجين أفضل.
وهناك من ذهب إلى القول أن الصدقة على الأقارب أفضل ولو كانوا أغنياء؛ لما روى سلمان بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم ثنتان: صدقة، وصلة. رواه أحمد والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والدارمي.
كما جاء في صحيح مسلم في (باب فضل النفقة والصدقة على الاقربين والزوج والأولاد ) حديث أبي طلحة الأنصاري وفيه: وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِى إِلَىَّ بَيْرَحَى وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ شِئْتَ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: بَخْ ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، قَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ فِيهَا وَإِنِّى أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِى الأَقْرَبِينَ. فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِى أَقَارِبِهِ وَبَنِى عَمِّه.
وقد قال النووي في تفسير الحديث أن الصدقة على الأقارب أفضل من الأجانب إذا كانوا محتاجين.
وفي فيض القدير للمناوي عند شرح حديث: “الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم اثنتان صدقة وصلة”: قال (الصدقة على المسكين) الأجنبي (صدقة) فقط (وهي على ذي الرحم اثنتان) أي صدقتان اثنتان (صدقة وصلة) فهي عليه أفضل لاجتماع الشيئين، ففيه حث على الصدقة على الأقارب وتقديمهم على الأباعد.