لا جدال في أن سقيا الماء والتصدق به من أفضل الأعمال التي يتقرب بها العبد إلى ربه عز وجل، للحديث الذي رواه أبو داود عندما سأل سعد بن عبادة -رضي الله عنه- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أي الصدقة أفضل عن والدته التي توفيت. فقال عليه الصلاة والسلام: “الماء|. فحفر سعد بيرًا وقال: هذه لأم سعد. رواه أبو داود وحسنه الألباني.
في هذا المقال ستتعرف على:
سقاية الماء.. هل هي صدقة جارية؟
قال صلى الله عليه وسلم: “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له” رواه مسلم.
والصدقة الجارية في تعريف العلماء هي الوقف، أي حبس الأصل وتسبيل المنفعة. فسقاية الماء عبر حفر بئر أو إجراء نهر، هو مما يدوم معه النفع مع بقاء أصله كان ذلك صدقة جارية.
أما إن كانت سقاية الناس في قارعة الطريق أو داخل مسجد في ثواب عزيز متوف، فهي ليست صدقة جارية، فإن انقطعت انقطع وتوقف معها الأجر.
حكم التصدق بالماء عن الأهل والأصدقاء والغني
لا يشترط في سقاية الماء شكل معين، كأن يوضع داخل آلات تبريد الماء داخل في المساجد، أو يوزع في عبوات على المارة في أيام الحر. فحتى تكون الصدقة، يكفي تسهيل الناس من الوصول لها والانتفاع منها والأفضل أن توضع حيث يكون الاحتياج إليها أكثر وأشد.
وصدقة التطوع، سواء في الماء أو غيره من المباحات، فيجوز صرفها لكل إنسان حتى الغني. والأولى صرفها للأقارب إذا كانوا في حاجة إليها. جاء في سنن النسائي والترمذي من حديث سلمان بن عامر -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “صدقتك على ذي الرحم صدقة وصلة”.
وقال الكاساني في بدائع الصنائع: “وأما صدقة التطوع فيجوز صرفها إلى الغني لأنها تجري مجرى الهبة”.
فضل وضع الماء للطيور والحيوانات
إطعام الطيور أمر مرغب فيه. وقد دل ذلك في الحديث الذي أورده البخاري في صحيحه: “في كل كبد رطبة أجر”.
وفي حديث مسلم كذلك: “ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة”.
كما ذكر البخاري في الجامع الصحيح، باب فضل سقي الماء ثم ذكر بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “بينا رجل يمشي فاشتد عليه العطش فنزل بئراً فشرب منها ثم خرج فإذا هو بكلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال: لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي فملأ خفه ثم أمسكه بفيه ثم رقي فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له”. قالوا: يا رسول الله وإن لنا في البهائم أجراً، قال: “في كل كبد رطبة أجر”.
والأفضل ألا يوضع في مكان تدوس عليه الأقدام، أو تعريضه للضياع.
ما الأفضل: سقي الماء أم بناء مسجد؟
من الأحاديث التي أوردت أمثلة عملية للصدقات، والتي جاء من بينها بناء المسجد وسقي الماء، ما رواه ابن ماجه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أنه قال: “إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علماً علمه ونشره، وولداً صالحاً تركه، ومصحفا ورثه، أو مسجدا بناه، أو بيتا لابن السبيل بناه، أو نهراً أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته يلحقه بعد موته”.
فلا جدال في أن بناء مسجد والمساعدة في إعماره من أفضل القربات وأعظم الصدقات الجارية. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ومن بنى لله مسجداً يذكر فيه اسم الله تعالى بنى الله له به بيتا في الجنة” (رواه أحمد وغيره).
وكذلك سقي الماء من أفضل الصدقات الجارية بل هو أفضلها، ودليل ذلك الحديث الذي سبق لنا ذكره للرسول عليه الصلاة والسلام وهو يجيب الصحابي سعد بن عبادة.
وقد رجّح بعض العلماء أن يكون سقي الماء أفضل من بناء مسجد، إذا لم يكن في الإمكان الجمع بينهما. فإدخال الماء لأسرة محتاجة أفضل وأولى.
أنواع الصدقة بالماء عن الميت
من أمثلة صدقة الماء في ثواب عزيز متوفي، فهي كثيرة تبدأ بتخصيص أماكن لوضع سقاية للمارة في الطريق العام أو المصلين داخل المسجد، إلى غاية حفر الآبار أو توصيل خزانات الماء والأنابيب للقرى والمناطق الفقيرة.
ويمكن الاستعانة بالجمعيات الخيرية التي لها خيرة وتحظى بالثقة لإتمام مثل هذه المشاريع وإيصالها لمستحقيها.
المصدر: موقع إسلام ويب (بتصرف).