أولت شريعتنا الغراء اهتماما كبيرا بشؤون الفئات الضعيفة التي لا معيل لها في المجتمع. فأحاطتها بالرعاية والاهتمام، جبرًا لخواطرها وحفظاً لها من أي سوء. فنجد من تلكم الفئات الأرملة وأولادها الأيتام. حيث جعل فضل ثواب القيام بشؤون الأرملة واليتيم بالرعاية والكفالة بمنزلة أرقى العبادات. فعن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالمِسْكِينِ، كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ – وأحسِبُه قال: – كَالقَائِمِ لاَ يَفْتُرُ، وَكَالصَّائِمِ لاَ يُفْطِرُ” (متّفقٌ عليه).
ستتعرف عبر هذا المقال على:
بين كفالة اليتيم والسعي على الأرملة
فالأرملة هي من مات عنها زوجها. قال ابن قُتيبة: “سُمّيت أرملة لما يحصل لها من الإِرمال، وهو الفقر وذهاب الزّاد بفقد الزّوج. يُقال أرمل الرّجل، إذا فَنِيَ زاده”.
أما اليتيم المعني بالكفالة الذي لم يترك له أبوه مالاً يقوم بحاجته ليس محلاً للصدقة وإنما يكون محلاً للرعاية والعناية بماله من قبل الوصي عليه أو وليه إن كان له ولي، وكذلك يكون محلاً للعناية من جهة الاهتمام بتربيته وتعليمه وحفظه عن الانحراف ونحو ذلك.
والساعي عليهما هو من يقوم بما يصلحهما ويحفظهما ويصونهما عن السؤال والابتذال.
قال النووي في شرح مسلم في فضل السعي لقاء حوائج اليتيم والأرملة: “وهذه الفضيلة لمن كفل يتيما من مال نفسه أو مال اليتيم بولاية شرعية”.
وصية الرسول الكريم بالأرملة واليتيم
حثّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم على رعاية الضّعفاء والمحتاجين من الأرامل والأيتام. فالمرء الّذي يسعى ليُحصّل ما ينفقه عليهم، أو الكاسب لمُؤنتهم في منزلة عظيمة.
قال ابن بطّال رحمه الله: “من عجز عن الجهاد في سبيل الله، وعن قيام الّليل وصيام النّهار، فليعمل بهذا الحديث، وليسعَ على الأرامل والمساكين؛ ليُحشر يوم القيامة في جملة المجاهدين في سبيل الله دون أن يخطو في ذلك خطوة، أو ينفق درهمًا، أو يلقى عدوًّا يرتاع بلقائه، أو ليحشر فى زُمرة الصّائمين والقائمين، وينال درجتهم، وهو طاعمٌ نهاره، نائمٌ ليله أيام حياته، فينبغي لكلِّ مؤمن أن يحرص على هذه التّجارة الّتي لا تبور، ويسعى على أرملة أو مسكين لوجه الله تعالى، فيربح في تجارته درجات المجاهدين والصّائمين والقائمين من غير تعب ولا نصب، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء”.
كفالة الأرملة عبر رعاية أسرتها
بعد أن فقدت الأرملة زوجها، أهم ركن داخل الأسرة، لم يعد لها طموح أو هدف، سوى أن يحظى أبناؤها بالرعاية اللازمة. وغالباً ما تجد الأرامل الفقيرات صعوبة كبيرة في الحصول على عمل يغطي تكاليف الحياة عنهن وعن فلذات أكبادهن. لذلك. فصار التفريج عن الأرملة بكفالة أسرتها، فتوفر لأبنائها ما يحتاجونه من الرعاية والإهتمام. فلا يجوعوا ولا ينقصهم اللباس والمأوى. فتجعل جلّ وقتها لهم.
من أجمل نماذج السعي على الأرملة: تمكينها من مصدر رزق كريم
نصادف كثيراً في حياتنا قصصا لأسر أصبحت فقيرة لأن الوالد توفاه الله والوالدة ليس في مقدورها الحصول على عمل لائق. فمن أجمل نماذج السعي على الأرملة، مساعتدها على توفير عمل أو تمكينها من مشروع مدر للدخل تكسب منه مصدر رزقها. فيكون بذلك الأجر الكبير على من ساعدها على ذلك، لأن ضمان مصدر دخل محترم يتجاوز توفير ضروريات الحياة لها ولأبنائها، إلى إدخال السعادة على أسرتها، لأنه حفظهم من كل ما يسيء لكرامتهم ويجرح مشاعرهم.